• Post published:09/02/2023

الثقافة الإبليسية والخلاف بديل المشورة والنصيحة 

 

الجدل بدل النقاش والحوار
الجدل العقيم

 

تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني *:

 

لم نعد نسمع ، نقرأ ، نشاهد حين النقاش أو المحادثة بين الأطراف الاتفاق ، أو الخروج على شيىء يحمد فيه طرف من الأطراف ، ويشكر ، أويثنى عليه لأنه بصر ، دل ، تفرد برأي أو عمل ، أو معرفة ، تميز بها عن منافسيه ، أو محدثيه ، او من يطلب منه المشورة والراي أو المناصحة.

 

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني - رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
د . محمد بن إبراهيم الشيباني 

 

د. الشيباني 

  • آفة المجتمعات العربية عدم الموضوعية والاعتدال وكأنهم يجتمعون ولسان حالهم ومقالهم يقول : لا تتفقوا ..!

  • اعطى الإسلام كل ذي حق حقه واعطى كل صاحب تخصص ورأي وتميز حقه من دون تعال عليه وإلا سادت الفوضى .

  • تورم مجتمعنا الصغير بكثرة صرف جل همه وطاقته في نقد الآخر ونسي نفسه حتى عشش الكبر والغرر في ذواتهم .

 

آفة المجتمعات العربية الفكرية عدم الموضوعية ، والاعتدال والإنصاف ، وكأنهم حين يجتمعون يقول لسان حالهم ومقالهم اختلفوا ولا تتفقوا ، وليظهر كل واحد منكم دخيلة نفسه ، ونقد ذات الآخر ، وإفشال مشروعه وتخصصه .

 

 

علمنا قرآننا محاسبة أنفسنا ، ونقدها بتوبيخها ،وعدم تزكيتها ، لأن النفس أساساً تحب المدح والثناء والتزكية ، وكبح جماحها وترويضها على التواضع وعدم تزكيتها على حساب الآخر ، لأن أية نفس لا تتزكى من قبل صاحبها ، إلا وتكون على حساب الآخرين .

 

 

أعطى الإسلام كل ذي حق حقه ، ليس بالمال وحده فقط ، وإنما أعطى كذلك كل صاحب تخصص ورأي وتميز حقه ، من دون تعال عليه ، وإن لم يكن ذلك كذلك ، سادت الفوضى وضاع الجميع في خضم الجدليات ، وصار العالم بمثابة الجاهل ، والصغير مثل الكبير ، والمتخصص مثل غيره من غير المتخصصين ، وكأننا فتحنا على أنفسنا أبوب الإبليسية والشرور من دون أن نعي ذلك ، أو لأننا أردنا ذلك بسبب الفوضوية في مناقشاتنا ومحادثاتنا ، التي لا نخرج منها بأية إيجابية ، وإنما ذات على حساب ذات.

 

 

الفروق في المجتمعات بين الأفراد وتخصصاتهم واضحة المعالم ، لا تحتاج إلى مزيد تعريف في المجتمعات التي تحترم علمية الآخر وتخصصه .

 

 

ربنا يقول في كتابه : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الزمر – آية 9

 

 

كما حرم الإسلام التسوية بين المتقابلين ،وحرم التعميم ، كما يقول ذلك أهل العلم ، أكد استحالة ان يمتلك أحد الحقيقة المطلقة .

 

 

لقد تورم مجتمعنا الصغير ، بسبب كثرة من صرف جل همه وطاقته في نقد الآخر ، ونسى نفسه ، حتى عشش في ذاته الكبر والغرور ، وهاتان الصفتان لا تؤديان إلا إلى الجهل الناتج عن الاستغناء عن رأي ومشورة ونصيحة الآخر وإحترامها .

 

 

والله المستعان .

 

*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا 

 

 

نقلا عن تراثنا العدد 84

أنقر الغلاف لتفاصيل العدد

 

مجلة تراثنا - العدد 84 -جمادي الآخرة 1444هجري- يناير 2023 م

 

 

تواصل مع تراثنا

اترك تعليقاً