• Post published:17/02/2019

“ابن خلدون”

تسقط الدولة عندما يصبح التفسخ والترف علماً للدولة وسلطانها !

دور العصبيات في نهوض واندثار الأمم
دور العصبيات في نهوض واندثار الأمم

تراثنا – كتب د . محمد الشيباني * : ” الدعوة الدينية من دون عصبية لا تتم .. والدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عدو، والدولة أذا استقرت وتمهدت فقد تستغني عن العصبية ” .هذه ثلاثة عناوين انتقيتها من كتاب ” العبر ” لابن خلدون في جزئه الأول ، وهو مقدمته المشهورة ، وأسماها أهل ألعلم ب ” نظرية العصبية “ .

أبن خلدون يحذر :

د محمد الشيباني
د محمد الشيباني

الدول لا تقوم إلا على عصبية معينة قد تضمحل لأسباب عدة منها الميل إلى التفحش والترف .

• اذا استقرت الدولة فقد تستغني عن العصبية ، ولكن لا تستمر طويلاً .

• الكيانات التي أخذت بعصبية العروبة وتركت الدين إلى مناهج مصطنعة تتساقط الواحدة تلو الأخرى.

فالدول بشكل عام ومنذ القدم لا تقوم إلا على عصبية معينة ، ثم تضمحل أو تتفكك بتفكك هذه العصبية ، إما بالفشل أو الانهيار أو بأسباب عدة ، منها مغالبة عصبية أخرى عليها أشد تعصباً واستماتة أو بسبب الميل إلى التفسخ والتفحش والترف بأنواعه المتعددة ، فيصبح ذلك علماً على الدولة وسلطانها .

فالخلافة الأموية ( 41 – 132 هجري) أهلكها ، بعد عصبيتها للعروبة والتعصب للدين ، تفسخها وتفحشها وانتشار الفساد بعمومه في أواخرها ، فسقط الدين وبقيت العروبة وحدها ، فأسقطها العباسيون ( 132 – 749 هجري ) .

فساد عصبية العرب
والعباسيون وبعد مرور عقود ، دخل عليهم الموالي والمصطنعون ، يذكر ابن خلدون هنا أن عصبية العرب قد فسدت باستظهار دولة المعتصم وابنه الواثق بالموالي من العجم والترك والديلم والسلاجقة وغيرهم ، فتغلب العجم والموالي على النواحي ، وتقلص ظل الدولة فلم تكن تعدو أعمال بغداد ، حتى زحف إليها الديلم وملكوها ، ثم انقرضوا وهكذا حتى جاء بعدهم السلاجقة ثم انقرضوا ثم زحف التتار وقتلوا الخليفة ومحو رسم الدولة .

أخذت وتركت
واذا استقرت الدولة فقد تستغني عن العصبية ، ولكن لا تستمر طويلاً كما نلحظ ذلك من خلال الممالك العربية والإسلامية اليوم ، إذ ترتفع دولة وتسقط أخرى لأن الكيانات التي كانت تحكم قد أخذت بشطر العصبية، وتركت الشطر الآخر ، أخذت بالعربية و تركت الدين ، أي أخذت مع العربية المبادئ الجديدة المصطنعة مثل البعثية أو اليسارية أو العلمانية أو الديمقراطية ، فلهذا لم تستمر طويلاً فسقطت الواحدة تلو الأخرى .

مآسي وكوراث تتخلل صراع العصبيات في المجتمعات
مآسي وكوراث تتخلل صراع العصبيات في المجتمعات

عموماً ، ما نراه اليوم في عالمنا العربي من معارك وانشقاقات ونزاعات وغيرها أغلبها لا يقوم على العصبية المستديمة لحقب من الزمان، لأن الفئات أو الطوائف أو الجماعات الطامحة للسلطة غير مجمع عليها شعبياً في البلد الواحد ديناً أو فهماً صحيحاً للدين ، ناهيك عن قبولها عربياً أو حتى دولياً .

والله المستعان …

الملك
إن الملك منصب شريف ملذوذ يشتمل على جميع الخيرات الدنيوية والشهوات البدنية والملاذ النفسانية ، فيقع فيه التنافس غالباً وقل أن يسلمه أحد لصاحبه إلا إذا غلب عليه … ( أبن خلدون )

* رئيس التحرير 

الصفحة الرئيسية تراثنا  

 ايميل خدمة تلقي الاخبار 

اترك تعليقاً