• Post published:04/11/2021

الحلقة الخامسة

قضاء الوقت عند البدو

 

تجمع ابناء إحدى القبائل البدوية حول منابع الماء والواحات ( الإقتصادية )
تجمع ابناء إحدى القبائل البدوية حول منابع الماء والواحات ( الإقتصادية )

 

تراثنا – بقلم المؤرخ صالح هواش المسلط :

 

صالح هواش المسلط
صالح المسلط

لإهل البادية فنونهم وتراثهم وآدابهم ، تنوعت وتعددت ، بتنوع المواقع التي سكنوها في الفيافي والصحاري ،وأخذت هذه المظاهر بالتلاشي في القرن العشرين ، بتوقف الغزوات والكر والفر ، والاتجاه إلى الأستقرار في المدن ،فلم يبقى غير التعيش على فنون الماضي وذكرياته .

 

  • يترقب أبناء القبيلة نزول ضيف بشيخهم ليكونوا مدعوون بالبداهة على وجبة الشاة المذبوحة له.

  • يتناول المُضيف اللحم ويقطعه بيده للضيوف، ويُعد عمله من دلائل الكرم وحسن القرى والقرب للأكثر قدراً .

  •  (صابون العرب لحاها) قول لا صحه له ،إذ كان أهل البادية يمسحون بإيديهم بعد الاكل بإهداب بيت الشعر .

 

يستأنف الباحث المؤرخ صالح المسلط الخبير في شؤون البادية حديثه عن آداب أهل الصحراء في تناول الطعام الذي قلما يتوفر ، حيث ينتهزون حلول ضيوف على شيخ القبيلة ليكون عيداً يتناولون فيه ما لذ وطاب من اللحوم وطيب الأطاعم ، وفي الحلفة ( الخامسة ) يقول في هذا الشأن : 

 

لا خمور في البادية

 

والخمور لا أثر بها في البادية ، هذا ولشظف العيش عندهم ، يعدون في الأعياد اليوم الذي ينزل على شيخهم ضيف يجب أن ينُحر له شاة ، فإنهم في تلك الوجبة مدعوون كلهم بالبداهة .

 

جمع لابناء عشيرة في البادية ( عربي 21 )
جمع لابناء عشيرة في البادية ( عربي 21 )

سواعد مشمرة 

 

فيتسلون من كل حدب ، ويصطفون داخل بيت الشيخ ، وعندها يأكلون اللحم ، وترى وقتئذ السواعد مشمرة ، والأيدي ممتدة تمزق اللحم ، وتضغط على الرز أو البرغل ضغطاً يسيل على سواعدهم .

 

ويقلبون هذه اللقم الضخمة في الأكف ، ويعصرونها ويكورونها ، ثم يقذفونها في الحلق ، دون مضغ وبسرعة خاطفة ، ثم يتناولون إناء الشنينة ويضعونه على فمهم ويشربون .

 

جاثمون على ركبة واحدة 

 

وهكذا بينما الأيدي المديدة ، صاعدة هابطة ، تسمع عندها تمزيق اللحم عن العظم وقرقعته ، والقوم إذ ذاك حول المنسف يتزاحمون بالمناب ، جاثمون على ركبة واحدة لتتسع دائرة المنسف أكبر عدد منهم .

 

وكلما شبع فوج تلاه فوج أصغر قدراً ، إلى أن يأتي دور الصبيان ، وفي أقل زمن ممكن وأسرعه ، يصبح المنسف في خبر كان !!

 

دلائل الكرم 

 

ومن  عادة المضيف أن يتناول اللحم ، ويقطعه بيده ، ويقدمه لضيوفه ، ويُعد عمله هذا من دلائل الكرم وحسن القرى ، ومن أصول الطعام في البادية أنهم يسكبون المرق على الطعام كلما قل المرق عنه ، وذلك ليسيغونه هنيئاً مريئاً .

 

الكرم والجود العربي تتصدره دلة القهوة والفناجين والتمر
الكرم والجود العربي تتصدره دلة القهوة والفناجين والتمر

صابون العرب لحاها !

 

وإذا طلبوا المرق ، نادوا : ( اللًّيان يا عيال ) ، بتشديد اللام الثانية ، من لَّيان ، كأنهم ينحتونه من الليونة ، وإذا شبع أحدهم قام يلحس أصابعه ، وبعض البدو يمسحون أصابعهم وأفواههم بأهداب البيت من جهة العامر ، وذلك لندرة الماء والصابون .

 

ويُعرف القسم الذي يمسحون به أيديهم بالرفه ، ولا يمسحون بلحاهم كما قيل ، وقول بعضهم ( صابون العرب لحاها ) يستعمل للهزل فقط .

 

 عظمة ببقية لحم 

 

وإذا كان هناك رجال لم يتح لهم الجلوس على المنسف لعدم وجود محل فإن بعض متناولي الطعام ينضخونهم بعظمة عليها بقية من اللحم ، يتلهون بها حتى يأتيهم الدور ، ومن عادتهم أن لا يقوم أحد عن الطعام ، قبل أن يشبع الجميع ، فهم يقومون عن الطعام سوية .

 

 يتبع لاحقا ..

مصادر صور :

 

الحلقة الرابعة ( السابقة ) : قضاء الوقت عند البدو 

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً