• Post published:08/06/2023

 

الحلقة (20)

 

الملوك والرعية
الملوك والرعية

 

تراثنا – التحرير :

 

في الحلقة العشرين، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي إبن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).

 صنف المؤلف كتابه لتقديم نصائحه ومشورته لمن في عهده من الملوك والأمراء ومن يأتي بعدهم بما يُعينهم في سياسة أمورالرعية على اختلاف طبقاتهم وأصنافهم .

 

  •  لايحق للملك أن يعذب بالنار  فهي عقوبة غير مباركة يختص بالله عز وجل نفسه  فلا يجوز للعبد أن يشاركه فيها . 

  • لا ينبغي للملك أن يقدم على عقوبة يشفي بها غيط صدره وهو مقام صعب لا يرتقي إليه أحد إلا من أخذ التوفيق بيده.

 

ويستكمل ابن طباطبا ما سبق بدأه بشأن نصائحه للحاكم أو الملك بعدم الإسراف في عقوبة القتل وتوخي العدل ، فيقول :

 

والمطامير (المطمور المخفي) الغامضة التخليدُفيها يقوم مقام القتل مع الأمن من الندم المخشيّ فيه ، وأما أصناف العقوبات فيجب على الملك الكامل أن يُنعم النظر فيها أيضاً ،فكم من عقوبة قد أتت على مهجة المعاقب من غير أن يُراد أزهاق نفسه.

 

عقوبة الشنق
عقوبة الشنق

وأصعب ما فيها التعذيبُ بالنار ، وهي عقوبة غير مباركة ، لأن العقوبة بالنار مختصة بالله عز وجل ، فلا يجوز للعبد أن يشاركه فيها ، والنظر في أصناف العقوبات موكل إلى نظر الملك الفاضل ،وبحسب ما يقتضيه الحال الحاضر.

 

ولكن الأصل الكلي فيه أن يكون الملك في نفسه كارهاً لذلك غير متحل به ، لا يُبادر إليه ولا يُقدم عليه إلا إذا دعت إليه ضرورة ماسة لا يقضي فيها حق نفسه ،ولا يشفي بها غيظ صدره ، وهذا مقام صعب لا يرتقي إليه أحد إلا من أخذ التوفيق بيده .

 

طالع الحلقة (19) :

 

لاينبغي للسلطان إزهاق النفس التي حرمها الله إلا بحقها

 

 

قيل إن علياً عليه السلام ، صرع في بعض حروبه رجلاً ثم قعد على صدره ليحتز راسه ، فبصق ذلك الرجل في وجهه ، فقام علي عليه السلام ، وتركه ، فلما سُئل عن سبب قيامه وتركه قتل الرجل بعد التمكن منه قال : إنه لما بصق في وجهي اغتظت منه ، فخفت إن قتلته أن يكون للغضب والغيظ نصيب في قتله ،وما كنت أحب أن أقتله إلا خالصاً لوجه الله تعالى .

 

قال أبرويز : الملوك يشتمون بالأفعال الا بالأقوال ، ويسفهون بالإيدي لا بالألسن ، وقد نظم هذا المعني شاعر العرف فقال :

 

    وتجهل أيدينا ويحلُمُ رأينا

 

           ونشتم بالافعال لا بالتكلم

 

هامش :

 

*كتاب الفخري : ص .44

 

يتبع لاحقاً : (الملك والإتهماك في الملذات) ..

 

 

 

كاتب وكتاب

 

 

* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ،  نشر  دار الصياد – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً