• Post published:26/09/2021

وقفة تاريخية (2)

 

جيوش إسلامية في احدى فتوحاتها
جيوش إسلامية في احدى فتوحاتها

تراثنا – كتب غانم الشمري (*) :

 

الباحث غانم الشمري
غانم الشمري

هناك ثلاثة أشخاص في العالم الإسلامي حكموا في ظروف متشابهة إلى حد ما، وحققوا إنجازات عظيمة، فقد حكموا في أوقات عصيبة.

 

كانت مدة حكمهم قصيرة، إلا أن ما تحقق في عهدهم، لم يحققه آخرون حكموا لسنوات طويلة، وهؤلاء الثلاثة هم:  أبو بكر الصديق، وعمر بن عبد العزيز، وسيف الدين قطز ” يرحمهم الله “.

 

أبو بكر الصديق والفتوحات

 

فأبو بكر الصديق رضي الله عنه ، أول الخلفاء الراشدين ، حكم من سنة 11 إلى 13 هجرية أ، ي أن حكمه لم يدم سوى سنتين تقريباً، والخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز- يرحمه الله –  حكم من سنة 99 إلى 101 هجرية .

 

حروب الردة في عهد الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه
حروب الردة في عهد الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه

 

 وحكمه استمر سنتين وشهوراً، بينما السلطان المملوكي سيف الدين قطز ” يرحمه الله “حكم عام 657هـ وقتله الظاهر بيبرس في العام التالي، ولم يدم حكمه سوى سنة واحدة فقط.

 

فأما أبو بكر الصديق الذي جاء إلى الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت حينما أصاب الكثير من الصحابة الذهول والوجوم بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، واستطاع خلال مدة حكمه القصيرة أن يُثبّت أركان الدولة الإسلامية الوليدة، وقام بمحاربة القبائل المنتشرة في الجزيرة العربية التي اهتزت وارتدت عن الإسلام.

 

وحارب القبائل العربية التي رفضت إعطاء الزكاة لبيت مال المسلمين، بحجة أنها كانت تعطيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما توفي الرسول عليه الصلاة والسلام ، فإنها لا تعطيها لأحد غيره، وأصر على إرسال أسامة بن زيد (17 عاماً) كما قرر الرسول عليه الصلام والسلام قبل وفاته لقتال الروم، ناهيك عن فتوحاته في العراق والشام، وغيرها الكثير.

 

كان لثبات أبي بكر الصديق وصلابته وقوته، دور كبير في إعادة الهيبة للدولة الإسلامية، ولهذا نجح بالقيام بالمهمة التي أوكلت إليه على أكمل وجه.

 

 

خلفاء بني العباس
كان عمر بن عبدالعزيز قدوة حسنة لولاته وعماله زاهدا في كل شيء

عمر بن عبدالعزيز والعدل

 

وأما عمر بن عبد العزيز  ” يرحمه الله ” فقد اعتبره الكثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين ، بعد أن نشر العدل والمساواة، وردَّ المظالم، وعزل جميع الولاة الظالمين، وأعاد العمل بالشورى، ونشر العلم بين الرعية، وأصدر أوامره إلى بعض الأئمة والعلماء بجمع السنن والأحاديث.

 

كان عمر بن عبد العزيز خلال فترة حكمه قدوة حسنة لولاته وعمّاله، فحينما أصبح زاهداً في كل شيء، ظهر الزهد عليهم، كما أنه خلال فترة حكمه القصيرة قضى على الفقر في ربوع دولته الواسعة! ولهذا يمكن أن يقال أن حفيد عمر بن الخطاب أتعب من جاء بعده من الخلفاء!.

 

 

قطز و مواجهة التتار

أما ثالث الثلاثة، سيف الدين قطز ” يرحمه الله ” الذي استطاع أن يوقف زحف جحافل التتار على العالم الإسلامي، بعد أن اكتسحوا العراق والشام، وقبل ذلك فارس وخوارزم وغيرها من الدول التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

 

 

دولة المماليك وسلاطينها
دولة المماليك وسلاطينها

 

فقطز الذي كان أميراً في الدولة الخوارزمية قبل أن يختطفه التتار، وهو صغير، وأطلقوا عليه اسم قطز أي “الكلب الشرس” تنقل من سيد إلى آخر حتى وصل إلى السلطان عز الدين أيبك، وصار يده اليمنى في مواجهة فارس الدين أقطاي والمماليك البحرية.

 

وبعد موت أيبك تولى ابنه الصغير علي الحكم، ثم عزله قطز بتأييد من علماء المسلمين في ذلك الوقت من أجل مواجهة التتار الذين استولوا على العراق والشام ويستعدون للزحف على مصر.

 

 واقرأ ايضا :

 

طالع : نور الدين زنكي .. عبر التاريخ .. الكاتب : غانم الشمري  

 

وحينما بدأت المواجهة مع التتار ، استطاع قطز أن يقود معركة عين جالوت التي اندلعت عام 658هـ باقتدار ، بعد أن وضع لها الخطة المناسبة لمواجهتهم، وتمكن من الانتصار في تلك المعركة، ومن ثم وقف زحف التتار، لكن الغريب أنه قُتِل أثناء عودته من المعركة، بعد أن تجهزت مصر كعروس تستقبل عريسها، كما قال المؤرخون، لكن العرس تحول إلى مأتم لأن القادم كان بيبرس والمماليك البحرية الذين حكموا مصر فيما بعد!.

 

هؤلاء الثلاثة (أبو بكر، وعمر بن عبد العزيز، وقطز) رغم فترة حكمهم القصيرة إلا أن إنجازاتهم كانت عظيمة جداً، وستظل خالدة عبر التاريخ لا يمكن تجاهلها إطلاقاً.

 

(*) : الكاتب باحث في الشأن التاريخي ، عضو في جمعية الكويت للتراث وله مؤلفات في الدولة الزنكية والمماليك

 

تواصل مع تراثنا

اترك تعليقاً