• Post published:19/10/2023

 

 

الحلقة (23)

 

الكرم والعطاء

 

 

تراثنا – التحرير :

 

في الحلقة (23)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).

 

أبو طالب الجارحي لأبن العميد :

  • أتدري ما الرياسة ؟ أن يكون بابك مفتوحاً ، ومجلسك عامراً بأفاضل الناس وإحسانك فائضاً .

  • أما أنت فبابك مقفلاً ومجلسك خالياً وخيرك مقنوطاً منه وبوابك شرس وإحسانك غير مرجو !!

 

في سياق حديثه عما ينبغي على الملوك والأمراء مراعاته في حكم الرعية ، بادر بتوجيه النصح والإرشاد لهم ، داعياً من يُوسد إليه أمر المسلمين أن يعتني بأدوات الحكم والرياسة بما يؤهله للحكم بعدل ، فيروي عن أبو طالب الجارحي الكاتب  في هذا الصدد الآتي ، فيقول :

 

وها هنا موضع حكاية تشتمل على أدوات الرياسة ، قيل : ورد أبو طالب الجارحي الكاتب – ولم يكن في عصره أكتبُ ولا أفضل منه – إلى (الري) قاصداً حضرة ابن العميد ، فلم يجد عنده قبولاً ولا رأي عنده ما يُجب ، ففارقه وقصد أذربيجان وسار إلى ملكها ، وكان فاضلاً لبيباً .

 

فلما أختبره وعرف فضله سأله المقام عنده وأفضل عليه ، فأقام لديه على أفضل حال ،فكتب إلى ابن العميد يوبَخه على جهل حقه وتضييعه لمثله ، فمن جملة الكتاب :

 

 

أتدري ما الرياسة ؟

 

 

صرة عربيا و " لصرار " كويتياً
الكرم والعطاء

 

 

حدثني بـأي شيء تحتج إذا قيل لك لم سُميت الرئيس ؟ واذا قيل لك ما الرياسة ؟ أتدري ما الرياسة ؟ أن يكون باب الرئيس مصوناً في وقت الصون ، ومفتوحاً في وقت الفتح ، وأن يكون مجلسه عامراً بأفاضل الناس وخيّره ، واصلاً إلى كل أحد ،وإحسانه فائضاً ، ووجه مبسوطاً ، وخادمه مؤدباً ، وحاجبه كريماً طلقاً ، وبوابه لطيفاً ، ودرهمه مبذولاً ، وطعامه مأكولاً ، وجاهه مُعرّضاً ، وتذكرته مسوَدة بالصَّلات والجوائز والصدقات ، وأنت فبابُك لا يزال مقفلاً ، ومجلسك خالياً ، وخيرك مقنوطاً منه ، وإحسانك غير مرحو ، وخادمك مذموم ، وحاجبك هَرّار ، وبوابك شرس الأخلاق ، ودرهمك في العيّوق ، وتذكرتك محشوة بالقبض على فلان واستئصال فلان ونفي فلان .

 

 ويستأنف الجارحي توبيخه لابن العميد في رسالته قائلاً : فبالله عليك ، هل عندك غير هذا ؟ولولا أن أكون قد دُستُ بساطك ، وأكلت من طعامك ، لأشعتُ هذه الرقعة( الرسالة) ، ولكني أرعى لك حق ما ذكرت ، فلا يعلم بها إلا الله وأنت ،و والله ثم والله ، ما لها عندي نسخة ولا رآها مخلوق غيري ولا عَلم بها ، فأبطلها أنت إذا وقفت عليها ، وأعْدِمها والسلام على من اتبع الهدى .(ص 74-48).

 

طالع الحلقة 22 :

 

المستعصم آخر الخلفاء اللاهين باللعب وسماع الأغاني

 

 

يتبع لاحقا ..

 

 

كاتب وكتاب

 

 

 

* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ،  نشر  دار الصياد – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً