• Post published:05/10/2023

 

 

 

الحلقة (22)

 

الممالك والخلفاء

 

 

تراثنا – التحرير :

في الحلقة (22)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).

 

 

في سياق حديثه عما ينبغي على الملوك والأمراء مراعاته في حكم الرعية ، بادر بتوجيه النصح والإرشاد لهم ، داعياً من يُوسد إليه الأمر الابتعاد عن الملهيات التي من شأنها التقليل من مقامه ، فيقول في هذا الصدد  ،

 

 

أخر الخلفاء اللاهين 

 

 وكان المستعصم آخر الخلفاء ، شد الكلف باللهو واللعب وسماع الأغاني ، لا يكاد مجلسه يخلو من ذلك ساعة واحدة ، وكان ندماؤه وحاشيته جميعهم منهمكين معه على التنعم باللذات ، لا يراعون له صلاحاً !

 

وفي بعض الأمثال : الخائن لا يسمع صياحاً ، وكتبت له الرقاع من العوام ، وفيها أنواع من التحذير ،وألقيت فيها الأشعار في أبواب دار الخلافة ، فمن ذلك :

 

 

قل للخليفة مهلاً

 

أتاك ما لا تحب

 

قا قد دهتك فُنونٌ

 

من المصائب غُرْب

 

فانهض بعزمٍ وإلا

 

غشاكَ ويلٌ وحَرب

 

كسرٌ وهتكُ وأسرٌ

 

ضربٌ ونهبٌ وسلب

 

 

وفي ذلك يقول بعض شعراء الدولة المستعصمية من قصيدة أولها :

 

 

يا سائلي ولَمحْض الحق يرتادُ

 

أصِغ فعندي نِشدانٌ وإنْشادُ

 

واضَيعة الناس والدين الحنيفِ وما

 

تلقاهُ من حادثاتِ الدهرِ بغدادُ

 

هتكٌ وقتلٌ وأحداثُ يشيبُ بها

 

رأسُ الوليدِ وتعذيبٌ وأصفادُ

 

 

ومما اشتهر عنه أنه كتب إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه جماعةٌ من ذوي الطرب ! وفي تلك الحال وصل رسول السلطان هولاكو إليه يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار، فقال بدر الدين : انظروا إلى المطلوبين وأبكوا على الإسلام وأهله ، وبلغني أن الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي * كان في أواخر الدولة المستعصمية يُنشد دائماً :

 

 

كيف يرجي الصلاح من أمر قوم 

 

ضيعوا الحزم فيه أي ضياع

 

فمُطاع المقالِ غيرُ سديدٍ 

 

وسديدُ المقالِ غير مُطاعٍ 

 

 

قالوا : لا ينبغي للرجل الكامل إلا أن يكون في الغاية القصوي من طلب الرياسة أو في الغاية القصوى من تركها :

 

 

إذا ما لم تكن ملكاً مطاعاً 

 

فكن عبداً لخالقه مطيعاً

 

وإن لم تملك الدنيا جميعاً

 

كما تهواه فاتركها جميعاً 

 

 

 

*ساهم ابن العلقمي بخبث ومكر بسقوط بغداد وما وقع فيها من مذابح وقتل ونهب وحرق بمساندته لهولاكو طلبا للرياسة والزعامة غير أن نهايته كانت سيئة !

 

– -نقلا عن كتاب الفخري : ص46-47 .

 

طالع الحلقة 21 :

دمار البلاد بانهماك الملوك في الملذات والملهيات – الحلقة 21

 

 

 

يتبع لاحقا ..

 

 

 

كاتب وكتاب

 

 

 

* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ،  نشر  دار الصياد – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

 

اترك تعليقاً