• Post published:28/10/2023

 

الحلقة (24)

 

الحكام والخلفاء والملوك
الحكام والخلفاء والملوك

 

تراثنا – التحرير :

 

في الحلقة (24)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).

 

أنواع السياسات الخمس

 

 

يواصل ابن طباطبا في تقديم إرشاداته ومشورته لمن وكل إليهم أمر سياسة العباد من حكام وملوك ، فيقول :

 

 

قالوا : السياسات خمسة أنواع ، سياسة المنزل والقرية والمدينة والجيش والمُلك ، فمن حسُنت سياسته في منزله حسُنت سياسته في قريته ، ومن حسُنت سياسته في قريته حسُنت سياسته في مدينته ، ومن حسُنت سياسته في مدينته حسنت سياسته للجيش ، ومن حسُنت سياسته للجيش حسُنت سياسته للملك .

 

 وأنا لا أرى هذا لازماً ، فكم من عامي حسن السياسة لمنزله ليس له قوة سياسة الأمور الكبار ، وكم من ملك حسن السياسة لمملكته ليس يُحسن سياسة منزله .

 

 

السيف والقلم
السيف والقلم

 

 

والمملكة تٌحرس بالسيف وتٌدبر بالقلم ، واختلفوا في السيف والقلم ، أيهما أفضل وأولى بالتقديم ، فقوم يرون أن يكون القلم غالباً للسيف ، واحتجوا على مذهبهم لأن السيف يحفظ القلم ، فهو  يجري معه مجرى الحارس والخادم .

 

وقوم يرون أن السيف هو الغالب ، واحتجوا بأن القلم يخدم السيف لأنه يُحصل لأصحاب السيوف أرزاقهم ، كالخادم له ، وقوم قالوا : هما سواء لا غني لأحدهما عن الأخر ، قالوا : المملكة تُخصب بالسخاء وتعمر بالعدل وتثبت بالعقل وتحرص بالشجاعة وتُساس بالرياسة ، وقالوا : الشجاعة لصاحب الدولة .

 

ومن وصايا الحكماء : اجعل قتال عدوك آخر حيلتك ، وانتهز الفرصة وقت إمكانها ، وكِلِ الأمور إلى أكفائها ، ومن ركب ظهر العجلة لم يأمن الكبوة ، ومن عادى من لا طاقة له به ، فالرأي له مداراته وملاطفته والتضرع إليه حتى يخلُص من شره ببعض وجوه الخلاص .

 

قالوا : ينبغي للملك ملاطفة أعدائه وإخوان أعدائه ، فبداوم الإحسان إليهم تزول عداوتهم ، و إن أصروا على عداوته بعد إحسانه كانوا قد بغوا عليه ، ومن بُبغي عليه لينصرنه الله .

 

وعظ بعض الحكماء بعض أفاضل الملوك ، فقال : الدنيا دول ، فما كان فيها لك أتاك على ضعفك ، وما كان فيها عليك لم تدفعه بقوتك ، والشر مخوف ولا يخافه إلا العاقل ، والخير مرجو يطلبه كل أخد ، وطالما تأتي الخير من ناحية الشر ، وتأتي الشر من جهة الخير ، وهذا مأخوذ من قوله عز وجل : ” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” البقرة- آية (216) . من (ص 50-51) .

 

 

 

طالع الحلقة 23 :

 

تحلي الحكام بالعطاء ومجالسة الفضلاء

 

 

 

كاتب وكتاب

 

 

 

 

* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ،  نشر  دار صادر – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً