• Post published:10/10/2022

عظة وموعظة من سنن التاريخ 

 

قصر صحراوي من العهد الأموي في الإردن
قصر صحراوي من العهد الأموي في الإردن

 

تراثنا – د .محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد الشيباني

قصر المشتى ،قصر خزانة ، قصر الطوبة ، قصر الحمَام ،وحماما الصرخ وقصير عمرة ..هذه كلها عمائر بُنيت وأُستخدمت في أواسط العهد الأموي الوسط وأواخره سنة (92-138هجرية – 710-751 م ) من قبل خلفاء بني أمية وأولادهم .

 

وبعض هذه العمائر كان مبنياً ما قبل الإسلام في الشام (بادية شرق الأردن)، ثم رُممت وسُكنت ،وهي بعيده عن العاصمة وقصر الحكم .

 

 

أُستخدمت للراحة نهاية الأسبوع ، أو في الإجازات الطويلة ، مثلما يفعل الأهالي عندنا في الكويت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماض ، عندما يذهبون إلى الشاليهات أو المزارع (البساتين) ، وكانت أغلبها لأغراض غير أخلاقية ، وقد سجلت صحف ذلك الوقت قصص وأعاجيب تلك الفترة .

 

رسومات في حمامات وقصور صحراوية في العهد الأموي في الإردن
رسومات في حمامات وقصور صحراوية في العهد الأموي في الإردن

الغريب في أمر قصور وحمامات الأمويين في الصحراء آنذاك ، كما درسته في دورات تاريخية وآثارية متنوعة ، وقرأت كثيراً عنه ، أن هذه المباني ، كما سجلتها بعثات علمية أجنبية ، مثل بعثة جامعة برنستون عام 1905م ، ثم قبلها المستشرق السويسري (بتلر) ثم (ليار) سنة 1840م (ترسترام) سنة 1872م ، و (لامنس) بعدهم وغيرهم كثير ، أن هذه المباني أحتوت على نقوش رسوم صيد واستحمام ورسوم راقصات ونساء شبه عاريات ، ورسوم رمزية لآلهة الشعر والفلسفة والنصر والتاريخ عند الإغريق ، وأخرى كما ذكر (د .زكي محمد حسن) لبعض مراحل العمر المختلفة ، الفتوة ، والرجولة ، والكهولة ، ورسم لقبة السماء ، وبعض النجوم ، فضلاً عن البروج المختلفة ، ورسوم طيور وحيوانات، وزخارف نباتية .

 

أقول ، مع كثرة العلماء في الزمن الأموي ،والرحلة في طلب العلوم الدينية وغيرها المختلفة ،وسماع الخلفاء لنصح العلماء ، ودنوهم منهم ، والكراهة التحريمية الدينية في رسم الصور ، ونحت التماثيل ، لأنها كائنات حية ذات أرواح ، على عكس الزخارف النباتية ، التي ليست فيها أرواح ، ولم يكرهها الإسلام !

 

 

نقوشات مشجرة في أحد قصور بني أمية في الصحراء الأردنية
نقوشات مشجرة في أحد قصور بني أمية في الصحراء الأردنية

 

 

فهى دلالة على أن خلفاء بني أمية والعباسيين، ومن جاء بعدهم من ممالك الإسلام ، اتخذوا من الرسوم المختلفة شعارات لهم ، وبعضهم اتخذها زيادة في اللهو والتنعم ، وتوافر الأموال ،ونقص الدين ، وسماع النصح والموعظة بإخلاص ، فكانوا بين اللهو والدين ،وحرص بعضهم على الجهاد والفتوحات !

 

ولكن يبقى الإنسان حاكماً أو محكوماً يعتريه الخلل والنقص عند نقص الأموال أو زيادتها ،والسعيد من خرج من هذه الفانية بعلم يرفعه عند ربه (  تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة البقرة- آية (134).فهذه مملكة جاءت مباشرة بعد الخلافة الراشدة ، أي قريبة من العصر النبوي ، وأصابها ما أصابها من فتنة المال والدنيا والتنعم بهما ،فما بال الممالك بعدها ، التي دارت عليها قرون وقرون إلى عصرنا اليوم ، وثبات الناس على الدين ، فهذا ولا شك خير والله ونعمة كبيرة .

 

والله المستعان ..

(*) رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .

 

انتقاء من تراثنا العدد 83

 

غلاف مجلة تراثنا - العدد 83 أكتوبر 2022 م
(أضغط للمزيد)

 

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً