• Post published:03/07/2022

الحلقة السابعة

 قضاء الوقت واللهو عند البدو

 

منسف بالثريد
منسف بالثريد

 

تراثنا – بقلم المؤرخ صالح هواش المسلط :

 

لإهل البادية فنونهم وتراثهم وآدابهم ، تنوعت وتعددت ، بتنوع المواقع التي سكنوها في الفيافي والصحاري ،وأخذت هذه المظاهر بالتلاشي في القرن العشرين ، بتوقف الغزوات والكر والفر ، والاتجاه إلى الأستقرار في المدن ،فلم يبقى غير التعيش على فنون الماضي وذكرياته .

 

صالح هواش المسلط
صالح هواش المسلط

 

  • إذا أراد البدو الإشادة برجل قالوا : فضل فلان على سائر قومه كفضل الثريد على سائر الطعام .

  • ما كان صابوننا بعد الطعام إلا أن نمسح أكفنا من الدهن بطرف الشقة من بيت الشَعَر لندرة الماء .

  • لله ما أصدق ذلك البدوي الذي قيل له فيه: ما اسم المرق عندكم ؟ قال :السخين، قيل : فإذا برد ؟ قال : لا ندعه حتى يبرد!

 

تجمع ابناء إحدى القبائل البدوية حول منابع الماء والواحات ( الإقتصادية )
تجمع ابناء إحدى القبائل البدوية حول منابع الماء والواحات (الإقتصادية)

نقلا عن الدراسة  المنشورة في مجلة تراثنا (1) عن ذكرياته عن حقبة الأربعينات من القرن العشرين عن حياة البداوة وطعامهم ولهوهم ، يستأنف المؤرخ صالح هواش المسلط بالقول:

 

تفضيل الثريد

 

وسيد طعام القرى البدوية كدومة الجندل (الجوف) وسكاكة هو (الدفينة) وهو الثريد الذي كان العرب قديماً إذا أرادوا أن يفضلوا رجلاً قالوا : فضل فلان على سائر قومة كفضل الثريد على سائر الطعام .

 

وتعد الدفينة من بذخ العمران البدوي ، وقد أكلتها في دومة الجندل مراراً ، فألفيتها لذيذة وشهية ، ولا تصنع إلا في الولائم أو قرى ضيف كريم ، وطريقتهم في عملها أن ينضدوا في طشت كبير (منسف) من رقائق الخبز نضداً يكفى المدعوين ، ثم يغطون هذا النضيد بطبقة من الأرز ،ثم يأتون بالذبيحة ناضجة ، فيسقون بمرقها الثريد ، ويكومون اللحم فوقه تكويماً .

 

لا وجود للصابون 

 

والصابون الذي نعده من مرافق الحضارة لا يوجد في البادية إلا نادراً ،فما كان صابوننا بعد الطعام إلا أن نمسح أكفنا من الدهن الثيف بطرف الشقة من بيت الشعر ، وما استغنى البدوي عن الصابون إلا اقتصاداً في الماء القليل في البادية ، كاستغناء الشارع بالتيمم عن الوضوء .

 

وهم إنما يدخرون الماء للطبخ ، أو إطفاء للعطش الذابح ، كما يعبرون ، ولم أر بدوياً يمسح يديه بلحيته بعد الطعام ، وأن كنا نسمع في بلاد الشام أن (صابون العرب لحاها) .

 

لا ينزل قدرهم عن أثافي الموقد ، ويصب الطعام في الجفان ، إلا ويحدق بها البدو احداق الخوارج بأبي نعامة ، يلعقونه وهو يكاد لشدة حرارته يفور ، فكنت ورفيقي نطلي جدران الجفنة بالطعام تبريداً .

 

فنستطيع نوعا ما أكله،وكثيراً ما كنا ننزع من طعامهم أيدينا بسرعة ، ونحوك في الهواء أصابعنا ملدوغة مستعيذين بالله من النار والطعام الحار .

 

 

حمس القهوة فن ويتطلب خبرة ودقة عالية
حمس القهوة فن ويتطلب خبرة ودقة عالية

 

 

ولذلك كنا أبطأ القوم أكلاً ، ولم نكن بأعجلهم ، وقلما قمت من الجفنة إلا جائعاً ، لأن يدي ما كانت لتصل إلى باللقمة إلى فمي مرة ، إلا وتكون يد البدوي قد وصلت كما يشهد الله عشراً ، ولهذا كان أهل الذوق من الأعراب يلاحظ ما يصيبنا من الغبن الفاحش بمشاركتنا إياهم في الأكل ، إذ (سباق المذكيات غلاب) فيضعون لنا صفحة لنأكل على حدة ، ونشبع على رسلنا .

 

ما أسم المرق 

 

ولله ما أصدق ذلك البدوي الذي قيل له فيه : ما اسم المرق عندكم ؟ قال :السخين ، قيل : فإذا برد ؟ قال : لاندعه حتى يبرد !

 

 

طالع الحلقة السادسة :

 

البعير سيد اللحم وأكل العصيد ترف عند أهل البادية 

 

نُشرت في مجلة تراثنا 42

 

مجلة تراثنا - العدد 42 سبتمبر / أكتوبر 2010م
مجلة تراثنا – العدد 42 سبتمبر / أكتوبر 2010م

 

هامش 

 

 1- تراثنا : العدد 41 ، الصادر في ذوي القعدة 1431هجري – سبتمبر / أكتوبر 2010 م

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

ا, , , , , , , , , , , 

 

اترك تعليقاً