• Post published:25/04/2022

كيف ينظر الباحث المختص بالتاريخ للإحداث؟

من ملفات الزمن القديم 

 

تراثنا – التحرير :

 

نشرت جريدة أخبار اليوم المصرية في عددها رقم 63 الصادر في 15 من صفر  1366 هجرية الموافق 19 من يناير  1946م في صدر صفحتها الأولى  أعلاناً تجارياُ، قد يجيش في النفوس مشاعر الذكريات لمن عاشوا تلك الحقبة.

 

إعلان تجاري ترويجي لمنتج فلسطيني ( صابون نابلسي ) بأسلوب وبمفردات التسويق المعتادة في حقبة الإربعينيات ، قد يبدو الأمر عادياً لا جديد فيه،

 

أعلان قديم في جريدة الأخبار المصرية الصادرة في 19 يناير1946
أعلان قديم في جريدة الأخبار المصرية الصادرة في 19 يناير1946

غير ان الباحث في علوم التاريخ،المتعمق في خلفيات الموضوع، قد يستخرج قراءات، قد لا تقع عين باحث أخر عليها ، لتفاوت الخبرة والعلم بينهما ، فضلا عن القاريء العادي غير المختص  .

 

العين الفاحصة

 

برؤية العين الفاحصة المختصة في الشأن التاريخي ومتعلقاته يعدد الدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني (*) معلقا على الإعلان (1) وما يستدل عليه الباحثون من قراءته :

 

 كيان وطني

 

أولاً : يعبر عن وجود دولة ذات هوية وطنية قائمة ( فلسطين )بكياناتها المتعددة ،نستخرج ذلك من عبارة ( زيتون نابلس الفلسطيني) موضحا بلدة الانتاج والبلد نفسه .

 

الأمن والأمان

 

ثانياً : الإعلان فيه دلالة جلية  أن هده الدولة تتمتع بالأمن والأمان ، لتمارس امور الدول التنظيمية المعقدة المتداخلة في الداخل والخارج .

 

تصدير وعلاقات

 

ثالثا : أن تلك الدولة تمارس أختصاصاتها من تصدير ثرواتها الزراعية مواردها الانتاجية (تجارة عامة وخاصة) وبيعها في الأسواق داخلية وخارجية (مصر) .

 

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد  الشيباني

 

تصاريح وحقوق

 

رابعا : أن الشعب في ذلك الكيان (الفلسطيني) يمارس نشاطه التجاري في أطار دولة تصدر تصاريح تمنحه حق تصدير منتجاته، ومنها ( الزيتون النابلسي)  .

 

أسرة فلسطينية تستخرج الزيت من ثمار زيت الزيتون
أسرة فلسطينية تستخرج الزيت من ثمار زيت الزيتون

 

زراعة وصناعات

 

خامساً : نوه الإعلان إلى أسم التاجر المصدر للصابون النابلسي يدعى (حسن نمر النابلسي) بمدينة نابلس ،مما يوضح أن التاجر من سكان ذات المنطقة التي يستخرج منها مواد الصابون ،وفيها مؤشر على وجود مزارع الزيتون ويتفرع منهاالصناعات القائمة عليه.

 

انتشار تجاري اقتصادي

 

سادساً :كما يوضح الإعلان الانتشار التجاري للمحل وتوسع علاقته ، ووجود وكيل لهم في اليمن الجنوبي (سالم سعيد بازرعة) مما يدل وجود مراسلات متشعبة لتسويق المنتج ، وهي من علامات كيان الدولة النشطة تجارياً.

 

 ابعاد سياسية 

 

صابون نابلسي فلسطيني
صابون نابلسي فلسطيني

ويلمح د . الشيباني إلى أن عين الباحث لن تقف عند الإعلان، بل تتوسع لما له علاقة به ، من ظروف ومتغيرات ،متصلة بظروف الإعلان عند نشره في حقبة الإربعينيات.

 

وقال:  لقد رافقت تلك الحقبة متغيرات كثيرة سياسية هي بداية لتغير خارطة فلسطين، مازلنا نحصد ثمارها اليوم ، بدأت بانسحاب القوات البريطانية وانتهاء الأنتداب البريطاتي على فلسطين  عام 1948م ، وأعلان الحركة الصهيونية ،وما تلاها من سلسلة من المتغيرات المعلومة لدى الجميع .

 

العبرة 

 

ويستخلص الدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني في نهاية مداخلته العبرة مما جاء بالقول: نستذكر هذه البقعة الشامية العربية إلإسلامية ، وكيف خُطفت من قبل الغزاة اليهود منذ عام 1948م ، وقد طال خطفها نحو 74 سنة ، 

 

وأكد أن المخطوفة لن تُسترد من الخاطف وأعوانه حتى يرجع أهل الحق إلى دينهم وتاريخهم وعروبتهم ،وما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة ،والقوة لها أحكامها وعددها وعدتها .

 

هامش :

(*) د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .

 

1- جريدة الأخبار ، نسخة من مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً