• Post published:17/10/2022

إنتقاءات من مجلة تراثنا 

بلدان ومواقع 

 

حديقة سور الأزبكية قديما
حديقة سور الأزبكية قديما

 

تراثنا – الشيخ حسن العطار (*) :

 

وأما بركة الأزبكية ، فهي مسكن الأمراء ، وموطن الرؤساء ، قد أحدقت بها البساتين الوارقة الظلال ، العديمة المثال ، فترى الخضرة في  خلال تلك القصور المبيضة ، كثياب سندس خضر على أثواب من فضة ، يوقد بها كثير من السرج والشموع .

 

فالأنف بها غير مقطوع ولا ممنوع ، وجمالها يدخل على القلب السرور ، ويذهل العقل ، حتى كأنه من النشوة مخمور ، ولطالما مضت لي بالمسرة فيها أيام وليالي ، هن في سمط الأيام من يتيم اللآلي ، وأنا أنظر إلى انطباع صورة البدر في جناتها ، وفيضان أجين نوره على حافاتها ومساحاتها .

 

والنسيم بأذيال ثوب مائها الفضي لعاب ، وقد سل على حافاتها من تلاعب الأمواج كل قرضاب ، وقامت على منابر أدواحها ، في ساحة أفراحها ، مغردات الطيور ، وجالبات السرور ، ولذيذ العيس بها موصول ، وفيها أقول :

 

 

بالأزبكية لي مسرات

ولذ لي من بديع الأنس أوقات

 

**

 

حيث المياه بها والفلك سابحة

 كأنها الزهر تحويها السماوات

 

**

 

وقد أدير بها دُور مشيدة

 كأنها لدور الحسن هالات

 

**

 

مدت عليها الروابي خضر سندسها

وغردت في نواحيها حمامات

 

**

 

 والماء حين سرى رطب النسيم به

وحل فيه من الأدواج زهرات

 

**

 

كسابغات دروع فوقها نقط

من فضة واحمرار الورد طعنات

 

**

 

مرابع لظباء الترك احتها

وللأسود بها فيهن غيضات

 

**

 

وللنديم بها عيش تجدده

أيدي الزمان ولا تخشى جنايات

 

**

يروح منها صريع العقل حين يرى

على محاسنها دارات زجاجات

 

**

 

وللرفاق بها جمع ومفترق

لما غدت وهي للندمان حانات

 

 

انتقاء من تراثنا العدد 83

 

غلاف مجلة تراثنا - العدد 83 أكتوبر 2022 م

 

إضغط الغلاف للمزيد

 

هامش :

 

(*) الشيخ حسن العطار – يرحمه الله – شيخ الجامع الأزهر – متوفي سنة 1250 هجرية

 

-منتقى من مجلة الزهور : السنة الأولى ص 261-1910م .

 

-إهداء من صاحب دار صادر ، بيروت عام 1996 ، للدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .

 

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً