• Post published:05/10/2021

 

وقفة تاريخية (3)

 

الباحث غانم الشمري مع استاذه المؤرخ د . قاسم عبده قاسم - يرحمه الله
الباحث غانم الشمري مع استاذه المؤرخ د . قاسم عبده قاسم – يرحمه الله

 

تراثنا – بقلم غانم الشمري (1) :

 

الباحث غانم الشمري
 غانم الشمري

رحل عن عالمنا المؤرخ المصري الكبير الدكتور قاسم عبده قاسم (1) ” يرحمه الله ” عن عمر يناهز 79 عاماً، تاركاً وراءه عشرات الكتب التاريخية والاجتماعية والثقافية، وآلاف الطلاب والتلاميذ الذين عشقوا التاريخ، وتخصصوا به، وسار الكثير منهم على دربه، وأصبحوا دكاترة في العديد من الجامعات العربية.

 

عرفته عن قرب، وعايشته، وجلست معه، وتعلمت الكثير منه، إلا أنني مازلت أشعر حتى اليوم بالسعادة والفخر حينما تواضع وسطّر بقلمه مقدمة كتابي «الزنكيون تاريخ دولة وقصة جهاد» الذي صدر عام 2012، ليس هذا فحسب، بل هو الذي اختار اسم الكتاب بعد أن كان اسمه أول الأمر “الدرة الزكية في تاريخ الدولة الزنكية”.

 

وداعاً

 

المؤرخ د . قاسم عبده قاسم - يرجمه الله
المؤرخ د . قاسم عبده قاسم – يرجمه الله

 

الباحث الشمري 

  • عايشته عن قرب، وتعلمت الكثير منه، وافخر حينما تواضع وسطر بقلمه مقدمة كتابي” الزنكيون تاريخ دولة وقصة جهاد ” ، وهو من اختار عنوانه .

  • كان دكاترة قسم التاريخ في جامعة الزقازيق يتجمعون حوله ، ويستمعون إليه ، ما يدل على علو مكانته في قلوبهم وهم لا يقلون عنه مكانة .

  • درَّس في جامعة الكويت، وأحب أهلها، ودائما ما يذكر علاقاته الجميلة بزملائه الدكاترة الكويتيين والطلبة، وألف عن “الصليبية” لمجلة عالم المعرفة الكويتية .

 

علو مكانة وتواضع

المؤرخ قاسم عبده قاسم - يرحمه الله - يكرم بجائزة من الدولة في احدة المناسبات التكريمية
المؤرخ قاسم عبده  في احدي المناسبات التكريمية

وأجمل ما رأيته، ومازالت ذاكرتي تحتفظ به، حينما كان د. قاسم عبده ” يرحمه الله ” يأتي إلى الجامعة التي كان أستاذاً فيها، وهي جامعة الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، فقد كان منظر دكاترة قسم التاريخ مهولاً ومثار إعجاب، وتواضع منهم، إذ يتجمعون كلهم، ويلتفون حوله ويستمعون إليه، فتدور بينهم الأحاديث الجميلة والشيقة، وان كان هذا يدل على شيء فهو يدل على علو مكانة هذا الدكتور لديهم، وقدره في قلوبهم ومحبتهم له، كما يدل على سمو أخلاق أولئك الدكاترة الذين لا يقلّون عنه في المكانة العلمية والأخلاق الرفيعة.

 

 الحروب الصليبية

 

عرفت د. قاسم ” يرحمه الله ” أول الأمر من خلال كتابه القيم “ماهية الحروب الصليبية” الذي أصدرته سلسلة عالم المعرفة في الكويت عام 1990، وقرأته في العام نفسه أكثر من مرة، وبعد سنوات طويلة من هذا التاريخ شاء الله أن أتعرف عليه عن قرب، فعرفته نبيلاً كريماً عفيفاً، ومنذ ذلك التاريخ كنت حريصاً على زيارته كلما سمحت لي الظروف بالسفر إلى القاهرة.

 

التدريس في الكويت

 

أخبرني أنه درّس في جامعة الكويت من عام 1987 إلى 1993 ولظروفه الخاصة عاد إلى بلاده مصر، إلا أنه كان يحب الكويت وأهلها، ودائماً ما كان يعود بذاكرته إلى الوراء عندما كان يُدرّس في الجامعة، ويذكر علاقته الجميلة بزملائه الدكاترة الكويتيين، فضلاً عن علاقته مع الطلبة أنفسهم.

 

جوائز الدولة

 

الدكتور قاسم هو أحد المؤرخين الكبار الذين فقدهم العالم الإسلامي بعد عطاء زاخر، وبعد حصوله على العديد من الجوائز في مصر منها على سبيل المثال لا الحصر: جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1983 ، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2000، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2008، وغيرها الكثير.

 

 

كتاب ماهية الحروب الصليبية ، للمؤلف المؤرخ قاسم عبده قاسم - يرحمه الله

 

مؤلفاته

 

تخصص في تاريخ العصور الوسطى، وأبدع في هذا المجال، وتزخر المكتبة العربية اليوم بالعديد من الكتب التي قام بتأليفها أو ترجمتها، منها على سبيل المثال: فكرة التاريخ عند المسلمين، الحملة الصليبية الأولى،وكتابه عن ماهية الحروب الصليبية كتبه لمجلة عالم المعرفة الكويتية ، وما هو التاريخ الآن، الإسلام وتحدي الديمقراطية، قصة حضارة البداية والنهاية، عصر سلاطين المماليك، الحروب الصليبية، وغيرها الكثير من الكتب الأخرى. إلا أن من يقرأ كتابه “السلطان المظفر سيف الدين قطز” سوف يكتشف من الوهلة الأولى مدى حبه لهذا القائد ولِمَا قام به،

 

كان الدكتور قاسم عبده قاسم يذكر دائماً فضائل المؤرخ الكبير الراحل د.سعيد عبد الفتاح عاشور صاحب كتاب “الحركة الصليية” الذي يُعد من المصادر المهمة في الحروب الصليبية، وكان يقول عنه “هو أستاذي” وتعلمتُ منه الكثير. فرحمهما الله.

 

 

كتاب أساطير الصهيونية ، ترجمه المؤرخ قاسم عبده أمين - يرحمه الله

 

عزاءنا 

 

رحيل قاسم عبده ” يرحمه الله ” عن عالمنا أحزننا وأدمى قلوبنا، لكن عزاءنا الوحيد أنه ترك عشرات الكتب القيمة التي ستتعلم منها الأجيال القادمة، وسوف تعرف ما قدمه هذا المؤرخ للأمة من خلال كتاباته تلك، وما تركه من آثار ناصعة ستخلد ذكراه، إضافة إلى تلاميذ سيذكرونه بالخير دائماً، وأصدقاء وزملاء وأحبَّة لن ينسوه أبداً.

 

هامش :

1 : الباحث غانم الشمري : باحث كويتي  وكاتب في الشأن التاريخي وله عدة اصدارات وبحوث مطبوعة وماثلة للطباعة .

2- الوفاة : الأحد الموافق 26 سبتمبر 2021 .

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً