أسواق كويتية قديمة
احتلت الشهرة الثانية بعد ساحة الصفاة
تراثنا – كتب د. محمد بن إبراهيم الشيباني * :
لقد كانت هذه السكة أشبه بجمعية تعاونية ، أو سوق تجارية كبيرة ، أو مجمع من المجمعات ، كانت حاجات الأسر الضرورية كلها فيها ، وكان المواطن في كويت (30-1960م ) يجد كفايته في هذه السوق فلا يذهب إلى غيرها .
-
اشتهرت السكة بعائلة الدعيج وب ( سبيل ماء ابن دعيج ) ، وكانت ملتقى الكويتيين حضرهم وبدوهم ، وأهل الشرق والقبلة .
-
انتشرت المحلات متنوعة البضائع في السكة ، وخياطي الدشاديش .. واستأجر المصور منيب شلبي محل له في آخرها .
-
نشَّطت السكة اقتصاد البلد وأثرى كثير من الناس بسببها ،وكانت الكويت شعلة من نشاط – بفضل الله – ثم جهود أهلها .
فهي تأتي بعد ساحة الصفاة من حيث الشهرة ، وتواجد السلع المتنوعة ، طول هذه السكة ، أو السوق ( كيلومتر ) ، مما أهلها أن تكون ملتقى الكويتيين ، حضرهم وبدوهم ، تكون ملتقى أهل الشرق وأهل القبلة ، فقد كان موقعها أشبه بنقطة عبور رئيسية ، بين الحيين الكبيرين آنذاك .
اشتهرت السكة بعائلة الدعيج ، لأنها من أشهر العوائل التي سكنت هذا الحي واكبرها ، ولوجود ماء سبيل لها ، المسمى ب ( سبيل ابن دعيج ) ويقع في آخر السكة ، وهو عبارة عن بئر تجلب لها المياه ،وتصب فيها ، وبقربها دلو أو مغراف ، مربوط بحبل لجلب الماء من أعماق البئر .
انشطة السوق
من أشهر رجال هذه العائلة الكريمة محمد عبدالرحمن الدعيج ، وابنه علي ، ومع شهرة هذه السوق التجارية ، أي وجود الدكاكين متنوعة البضائع ، مثل الخضروات والفواكه وصناعة الأواني المنزلية (التناك ) وخياطي الدشاديش ( أثواب الرجال ) والملابس بأنواعها ، ومحلات النجارة ، والمصور منيب الشلبي ، المشهور بالسوري ( لبناني الأصل كويتي بالتأسيس ) يصور المواطنين في بيت استأجره في السكة .
وهناك بائعو الحلوى والمكسرات والملح والقهوة ، وغيرها من المحلات المنتشرة على جانبي السكة ، وبيوت العائلات الكويتية .
الكتاتيب
أقول ، مع شهرة هذه السكة بالمحلات التجارية ، كذلك يوجد فيها مدارس أهلية ( الكتاتيب ) مثل مدرسة ملا زكريا الأنصاري ، وأولاده محمد وعبدالله ويحيى ، ومن يقوم معهم بالتدريس .
ومن غير المشهور عند من كتبوا عمن بالسكة مدفع قديم ضخم بالقرب من أسطبل الشيوخ ( ياخور ) .
نشاط اقتصادي
هذه السوق قد نشطت اقتصاد البلد ، في حقبة من الحقب ، وقد أثرى كثير من الناس بسببها ، لقد كانت الكويت شغلة من نشاط – بفضل الله – ثم جهود أهلها في الداخل والخارج ، فقد كانت سفن التجار تجوب السواحل العربية والأفريقية والأسيوية ، فتأتي بأنواع البضائع .
ميناء تجاري حي
وكان البحارة يطلعون على كثير من الأشياء ،ويتأثرون بما يشاهدونه من تطور في العمران والصناعات ، وكانوا ينقلون هذه التصورات والمشاهدات المفيدة إلى بلدهم ، فأدى هذا التطبيق إلى أن صارت الكويت بعد ذلك ميناء تجارياً حياً ، أخذ هذه الشهرة والصيت في منطقة الجزيرة العربية والمنطقة العربية بأسرها ، بل في العالم الغربي ، فكان أن طمعت بها الدول الكبرى ، فحاول الكثير منها كسب ودها ، والتقرب منها ، وإقامة علاقات تجارية وسياسية وثقافية معها .
سالت دماء
لم يكن بناء الكويت بالسهولة التي يتخيلها البعض ، ممن لم يعيشوا تلك الحقب ، أو قرأوا عنها ، لقد سالت دماء في سبيل الدفاع عنها ، وتعب المخلصون في بنائها ، فالأسوار الثلاثة أكبر دليل ، وما تبقى من بواباتها أكبر شاهد .
دعوة للمخلصين
فيا أيها المخلصون .. اعيدوا لها حيويتها وحياتها من جديد ، وليكن صوتكم اعلى من صوت الخوارين الخائنين الذين يسلبونها حيويتها وحياتها باستمرار .
سكة بن دعيج (**) أكبر معلم تجاري في كويت الماضي ، صار وتقوّى ودام حقباً عدة ، بفضل الله ثم جهود العاملين المخلصين ، الذين يحبون الكويت ، فطموح الكويتي للأحسن ، كان ولا يزال ، فهل يُفتح المجال له ويُشجع ،ويُقدر فيه هذا الأحساس ، ويحترم عقله ؟
فالتجارة والعلم والثقافة ليست محتكرة لواحد أو اثنين ، فمن يفكر بهذا التفكير فقد ضل سواء السبيل ، وأورد نفسه وبلده الموارد
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة حياتنا
**وللمزيد مع المعلومات عن سكة السكة راجع بدر البدر ( رحلة مع قافلة الحياة ) ومحمد الخرس ( سكة ابن دعيج ) مجلة تراثنا العدد الخامس وغيرها .
– تم نشر المقال في الزميلة القبس في 11 من سبتمبر عام 2000 م ( العدد 9781) .
الصور : ( تاريخ الكويت ) ، ( ارشيف تراثنا – شبكة الانترنت )
شاهد ( تسجيل يوتيوب عن سوق بن دعيج قديما )