• Post published:08/10/2022

من كتاب (أرض النخيل

الحلقة (5) والأخيرة

الكويت في منظار الرحالة الهندي كرستجي في رحلته للمنطقة (1916-1917)

 

أول سيارة تدخل الكويت لأميرها الشيخ مبارك الصباح
أول سيارة تدخل الكويت لأميرها الشيخ مبارك الصباح

 

تراثنا – التحرير :

 

في رحلة توثيقية قام بها الرحالة الهندي سي . أم . كرستجي إبان الحرب العالمية الأولى شملت موانيء عدة في الخليج العربي ،أنطلقت من بومباي إلى البصرة والعودة إليها (1916-1917م)، ونزل خلالها في الكويت في زمن الشيخ جابر المبارك وأخيه سالم ، وكتب مشاهداته عنها في كتابه (ارض النخيل) تقتبس تراثنا بعضا منه .

 

الرحالة كرستجي :

  • الكويت مطالبة بإعادة النظر في الأعراف والعادات والتقاليد المتعصبة المتوارثة من قرون عدة لمواكبة الزمن واللحاق به .

  • العرب فغروا أفواههم من الذهول عندما وقعت أبصارهم للوهلة الأولى على قصر الحاكم ومبنى الجمارك وقد مدت لهما الخطوط الكهربائية فنسبوها إلى الشيطان !

  • سائق الحاكم تدرب على السياقة في الهند وعاد مدمناً على الخمور ما اضطر الشيخ لركوب فرسه أو حماره لثلاثة أيام خشية وقوع تصادم يؤدي بحياته !

 

جلب الماء من السفن من شط العرب قديما في الكويت
جلب الماء من السفن من شط العرب قديما في الكويت

في الحلقة الخامسة “الأخيرة”، بعد مغادرة الرحالة كرستجي قصر حاكم الكويت – المرجح أن يكون الشيخ جابر بن مبارك الصباح تبعا لتاريخ الأحداث – برفقة وفد حل على ضيافة السيد عبداللطيف العبدالجليل  “المدير” يرحمه الله ، يكتب عن استشرافه لمستقبل الكويت وفقا لتصوره ، مقدما نصائحه  ، فيقول : 

 

الكهرباء والشياطين 

 

ويتوقع من الكويت التي تعتزم فعلاً مواكبة الزمن واللحاق به بأسرع ما يمكن أن تعيد النظر في الأعراف والعادات والتقاليد والقناعات المتعصبة المتوارثة من قرون عدة.

 

وقد مُدت خطوط الكهرباء إلى القصر ومبنى الجمارك ، فكيف فغر العرب أفواههم من الذهول عندما وقعت أبصارهم عليها للوهلة الأولى ، لا شك أنهم نسبوها إلى الشيطان .

 

المياه وشط العرب 

 

ويوجد بالمدينة جهاز لتكثيف الماء وتقطيره ، ومن المرجح أن يتوافر في المستقبل المزيد من مثل هذه الأجهزة النافعة ، نظراً للنواقص والعيوب التي تشوب النظام الحالي لتموين المياه ، حيث تستورد مياه الشرب يومياً من البصرة في قوارب ، مزودة بصهاريج توزع في المدينة في صفائح معدنية ، أو في قرب جلدية تكلف الصفيحة أو القربة الواحدة (آنة)  واحدة أو ما يعادلها .

 

وتفتخر المدينة بوجود معمل للثلج وآلتين لانتاج المياه الغازية فيها، ويستمتع العرب بتناول هذه المرطبات ، كما يستمتع البط بالعوم في الماء .

 

السائق السكران 

 

وإلى جانب امتلاك الشيخ لزورقين بخاريين، فأنه يمتلك أيضا سيارة جميلة التي لا تزال يعدها رعاياه لغزاً غامضاً ، يتعذر تفسيره ، أو سليلة بعض الجن أو العفاريت الأقوياء ، وذلك عندما يشاهدونها تنطلق بأقصى سرعة وهي تطلق صفيراً عالياً ، وتتحرك صعوداً ونزولاً على الأرض الوعرة .

 

ويقال أن الشيخ أرسل أحد أتباعه العرب إلى بومباي للتدرب هناك خصيصاً كسائق ، وقد عاد هذا الرجل كسائق بارع إلا انه عاد طبقاً لجميع الأقاويل مدمناً على معاقرة الخمر ، وعندما يحتسي هذا السائق الكؤوس يضطر الشيخ لركوب فرسه أو حماره لمدة يومين أو ثلاثة، أو أنه سيخاطر بحياته في حادث تصادم مروع .

 

فهذا السائق القدير الذي لا منافس له في مجال عمله هنا ، أثناء زيارتنا ، كان دون ريب سيد الموقف ، ولا تشاهدفي الكويت عربات ذات عجلات، وإذا ما تم إدخالها الآن ، فأتوقع أنها لن تحرز نجاحاً ، مالم يتوافر في المدينة شيء آخر يختلف عن دروب الجمال والحمير المتوافرة ، في الوقت الحاضر .

 

 

الأسواق الشعبية في الكويت قديما
الأسواق الشعبية في الكويت قديما

 

 

طالع الحلقة (4) :

عساكر الشيخ جابر بن مبارك مرعبين وملائمين لإرتكاب أعمال القتل !

 

 

المواصلات والتمدن

 

كتاب أرض النخيل للرحالة سي . أم .كرستجي

ومن المرجح جدا أنه قبل أن تجد العربات التي تقودها الجياد طريقها إلى الكويت ، فسوف تدخل حتماً وسيلة المواصلات الأكثر تمدناً وهي سكة الحديد ، وقاطراتها التي ستضفي على هذا الميناء الهام الواقع عند مصب الممر المائي الكبير ” شط العرب” العظمة والروعة وتحقق الرخاء والإزدهار .

 

وبعد أن أعربنا بحرارة عن جزيل شكرنا إلى مضيفنا الودود ” السيد عبداللطيف” (1) للحفاوة اللذين غمرنا بهما ، عدنا آخر العصر إلى الباخرة “زياني” ونحن مسرورون إلى أبعد حد ، كما يقول بيبيس (2) من زهتنا في ذلك النهار .(انتهى)

 

هامش :

1- عبداللطيف العبدالجليل المشهور ب (المدير) .

2-بيبيس :صمويل بيبيس “1633-1703م” كاتب يوميات انكليزي ، تُعد يومياته صورة معبرة عن الحياة الاجتماعية والعادات في عصره ، كتب وصفاً عن الحياة في لندن في الفترة ” 1660-1669م”.

 

 

نقلا عن تراثنا العدد 82

مجلة تراثنا في عدد 82 يونيو 2022

أضغط على الغلاف للمزيد

 

 

تواصل مع تراثنا