• Post published:20/04/2024

 

الحلقة الثامنة

 قضاء الوقت واللهو عند البدو

 

صيد الجربوع واكله عند أهل البادية
صيد الجربوع واكله عند أهل البادية

 

تراثنا – بقلم المؤرخ صالح هواش المسلط :

 

لأهل البادية فنونهم وتراثهم وآدابهم ، تنوعت وتعددت ، بتنوع المواقع التي سكنوها في الفيافي والصحاري ،وأخذت هذه المظاهر بالتلاشي، بتوقف الغزوات والكر والفر ، والاتجاه إلى الاستقرار في المدن ،فلم يبقى غير التعيش على فنون الماضي وذكرياته( حلقات الدراسة) .

 

 

صالح هواش المسلط
صالح المسلط

 

المسلط :

  • اصطاد أصحابنا (البدو) جربوعاً وقنفذاً فأقاموا عليهما وليمة فباركت لهم أنا ورفيقي بحصتنا فيهما !

  • أذا جاع الاعرابي ولم يجد طعاماً شد حجراً مستطيلا على معدته واحتمل الجوع بصبر غريب واكتفي بأكل العشب !

 

نقلا عن الدراسة  المنشورة في مجلة تراثنا عن ذكرياته في حقبة الأربعينات من القرن الماضي حول حياة البداوة وطعامهم ولهوهم ،يسلط الكاتب الضوء في هذه الحلقة على صحبته لأهل البادية في طريقهم إلى منطقة الجوف ، فيقول :

 

 وقبل أن ندرك الجوف ، اصطاد بعض صحابتنا حيواناً صغيرا ابيض البطن ، رمادي الظهر ، يداه أقصر من رجليه ، خلته فأرة برية فسألتهم عن اسمه ، فقالوا جربوع ، فعلمت أنه اليربوع المذكور في كتب اللغة .

 

صيد القنفذ وأكله عند أهل البادية
صيد القنفذ وأكله عند أهل البادية

ثم أمرع الصائد وشواه وتقاسمه وصحبه ، وازدردوه سريعاً ، كما يزدرد الحضري الفالوذج ، وعثر بدوي آخر على أثر قنفذ فاعتفره وعاد بعد هنيهة بصيده ، وكأنه أب في جوف الفرا ، فأضرم النار ورماه بها حياً ، ولما تمكن من القبض على عنقه المنقبض حذر النار ، ذبحه وأكله ورفاقه بعد تمام نضجه بجشع غريب ، ولقد باركت لهم ورفيقي بحصتنا من القنفذ واليربوع .

 

ورأى عرب السرحان في رائعة النهار ضبعاً طاردوها بخيلهم ، والفرس أسرع من الضبع ، فأدركوها وأصموها رمياً بالرصاص ،و ذبحوها ، وألوموا تلك الليلة بها ، ويزعمون أن لحمها علاج من الحمى .

 

وللبدو غرام بأكل الجراد ، ولعله أحل أكله توسلاً لأبادته ، على أن له في السنة المجدبة نفعاً في البادية جزيلاً .

 

ذكر ياقوت في معجم البلدان نقلاً عن بعض الرواة قال : لقيت أعرابياً فقلت له ممن الرجل ؟ قال من بني أسد ، قلت: فأين تسكنها ؟ قال : مساقط الحمى حمي ضرية بأرض لعمر الله ما نريد بها بدلاً ، ولا نبتغي عنها حولاً ، قد حفتها الفوات ، ونفحتها القدوات ، فلا يملولح ترابها ولا يمعر جنابها ، ليس فيها أذى وقذى ، ولا وعك ولا موم (البرسام) ، ونحن بأرفه عيش وأرقى معيشة ، قلت : وما طعامكم ؟ قال : بخ بخ الهبيد ( الحنظل ) والعنكت والعلهز والضباب واليرابيع ، وربما أكلنا والله القد واشتوينا الجلد ، فلا نعلم أحدا أخصب منا عيشا ، فالحمد لله على ما رزق من السعة وبسط من حسن الدعة ، أو ما سمعت بقول قائلنا :

 

إذا ما اصبنا كل  يوم مذيقة

 

فنحن ملوك الناس شرقا ومغرباً

 

وكم مثمن عيشنا لا يناله

 

وخمس ثميرات صغار كنائز

 

ونحن أسود الناس عن الهزاهز

 

ولو ناله أضحي به جد فائز

 

 

وللبدو عامة صبر على الجوع و العطش ، وإذا جاع أحدهم ولم يجد طعاماً شد حجراً مستطيلاً على معدته واحتمل الجوع بصبر غريب ، واكتفى بأكل العشب ، ومن بات بلا عشاء سمى (المقوى) ، ومن لم يأكل طعام الصبح سمي (المريوق) .

 

 

طالع الحلقة السابعة :

 

أهل البادية يفضلون الثريد فيلعقونه وهو يفور حرارة

 

 

 

 

نُشرت في مجلة تراثنا 42

أنقر للتفاصيل

 

 

مجلة تراثنا - العدد 42 سبتمبر / أكتوبر 2010م
 العدد 42 سبتمبر / أكتوبر 2010م

 

 

هواتف مركز المخطوطات والتراث والوثائق - الكويت

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

 , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , 

اترك تعليقاً