• Post published:05/03/2019

كما وصفها عام 851 ميلادي

 

تتبع المستشرق فران رحلة سليمان التاجر على الخرائط الحديثة

 

طريق الحرير إلى الصين
طريق الحرير إلى الصين

 

تراثنا  – د. محمد بن إبراهيم الشيباني *  :

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد الشيباني

تعد رحلة سليمان التاجر السيرافي من بواكير رحلات السياحة العربية إلى الصين ، ويرجع زمنها كما دونه المؤرخون إلى السنة 237هجرية الموافق (851 م ) ونحن لا نعرف شيئاً من حياته ، ولكننا نعرف أنه أم الصين مراراً لغرض التجارة .

 

  • فُتحت الصين في زمن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان على يد قائده قتيبة بن مسلم (49 – 96 هجرية ) .

  • تحول قبر سليمان التاجر البحري بعد ان كان مجهولاً مزاراً تقام فيه الاحتفالات التي لم ينزل الله فيها من سلطان .

  • ملك الصين ينظر في المظالم ويعيد الحقوق لأهله ونساءهم يكشفن عن شعورهن ويجعلن فيها الأمشاط !

 

وفي الصين اليوم ، ولا سيما ( كوانجو) مساجد كثير مغلقة تحتاج إلى ترميم ، المفتوحة منها ثلاثة مساجد ، ومن تلك المساجد الثلاثة مسجد يسمى روضة وقاص ، ويعتقد الكثير من الصينيين المسلمين أنه للصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ” رضي الله عنه ” ، والمعروف أن الصين لم تفتح في زمن هذا الصحابي ، ولا على يديه ، وإنما فتحت ولكن شمال غربها ( أرمشي ) زمن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان على يد قائده قتيبة بن مسلم ( 49 – 96 هجرية / 669- 715 م ) يرحمهم الله – حيث تقول المصادر إنه غزا أطراف الصين ، وضرب عليها الجزية ، وأذعنت له بلاد ما وراء النهرين كلها ، وقد استمرت ولايته ثلاث عشرة سنة .

 

القبر المزار 

ولعل القبر الذي في المسجد هو لأحد التجار المسلمين الذين ما انفكوا يرحلون إلى الصين والعودة منها بالعجائب من الملابس والحاجات والحيوانات ، مثل سليمان التاجر  ” يرحمه الله ” وغيره ، وللأسف فأن هذا القبر بعد أن كان مجهولاً ، أو مهملاً، أصبح اليوم مزاراً تقام الاحتفالات التي لم ينزل الله فيها من سلطان عنده، هكذا مسلمو اليوم في أغلب بقاع العالم !

 

 

رحلة ابن وهب القرشي

وقد أضيف إلى رحلات وحكايات سليمان التاجر بعد عشرين عاماً رحالة آخر هو ابن وهب القرشي ” يرحمه الله ”  ، الذي ترك البصرة عندما خربها الزنج عام 75 هجرية ( 870 م ) حتى انتهى إلى مدينة خانقون ( كانتون ) ، وفي القرن الرابع الهجري ( العاشر الميلادي ) دون قصص سليمان وابن وهب مؤلف من سيراف هو أبو زيد الحسن السيرافي – يرحمه الله – من أهل البصرة ، وأعطاها شكلها المعروف لدينا اليوم .

 

وتعتبر رحلة التاجر سليمان والترجمة التي وضعها له أبو زيد السيرافي من أهم آثار العرب عن رحلتهم في المحيط الهندي وبحر الصين .

 

الطريق البحري 

لقد وصف التاجر سليمان الطريق البحري إلى الشرق الأقصى بصورة علمية دقيقة مكنت ( المستشرق فران ) من أن يتعبه على الخرائط الحديثة ، منذ أبحر من سيراف إلى كلم ( ساحل مليبار ) ومر بمصيف تالك ( شمال سيلان ) وعبر خليج البنغال فوصل إلى جزيرة ( لنجبالوس ) إحدى جزر نبكوبار ..

 

 

سور الصور العظيم
سور الصور العظيم

 

ملك الصين والمظالم 

وتحدث سليمان التاجر عن أهل الصين فأدرج بعض المعلومات الدقيقة ذات القيمة العلمية منها :

– أن نساء الصين يكشفن رؤوسهن ويجعلن فيها الأمشاط .
– كان أهل الصين يتعلمون القراءة والكتابة ولا يُستثنى في ذلك غني او فقير كبير أو صغير ، وهم يهتمون اهتماماً كبيراً بجودة الخط .

 

أما ملك الصين فإنه يستقبل ذوي المظلمات ،وينظر في مظالمهم ويعيد إليهم حقوقهم ، وقد تحدث التاجر عن بعض العلوم ، فأشار بأن لأهل الصين طباً وعلماً بالنجوم ، أما الفن والتصوير عندهم فهو ينطوي على براعة وحذق .

 

مسلموا الصين في احدى المناسبات
مسلموا الصين في احدى المناسبات

عصفور في ثوب حرير 

وقد روى سليمان التاجر أن رجلاً منهم صور سنبلة على عصفور في ثوب حرير ، لا يشك الناظر أنها سنبلة وأن عصفوراً عليها ، لكن فناناً آخر ، أظهر فيها عيوباً وانتقدها أمام الملك فلم يحصل صانعها على الجائزة التي تمنح في مثل هذه الأحوال .

 

وقد أشار السيرافي إلى الشاي في الصين ، وقال عنه إنه نوع من العشب ، يشربه الصينيون في الماء الساخن ، ويُباع منه الشيء الكثير في مدنهم ويسمونه ( ساخ ) ، ومازالت الصين تشتهر بالشاي الأخضر بأنواعه الكثيرة الجيدة .

 

وهناك من الأوصاف في رحلات العرب عن الصين ما يفوق الخيال ولا يتسع له المقام ، وقد أتينا على ذكر طرف منها ليتوافق مع ما عنينا في مقالتنا، ولعلنا تأني ببعض العجائب في مقالة قادمة .

 

والله المستعان ..

 

* رئيس مركز المخطوطات والتراث والتوثيق ومجلة تراثنا

 

الصفحة الرئيسية تراثنا

المقالة تحتوي على 2 تعليق

  1. نور النبي

    السلام عليكم ورحمه الله و بركاته
    دكتورنا العزيز انا طالبة ماجستير من العراق بحثي بعنوان بلاد الهند و الصين من خلال رحلة سليمان التاجر و قرأت مقالك المنشور عن سليمان التاجر و ذكرت ان المسجد الذي دفن به سعد بن ابي وقاص بكانتون يرجع هذا القبر الى سليمان التاجر ارجوا منك ان تفسر لي هذه المعلومة و هل استندت في ذلك على مصادر و مراجع تثبت ذلك ارجوا منك تزويدي بهذه المصادر ولكم التوفيق

    1. محرر تراثنا

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
      نشكر الأخت الكريمة على تفاعلها مع ما ينشر موقع تراثنا .. ونفيدك بأن الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص لم يسبق له الوصول إلى الصين ، وتوفي – رضوان الله عليه – في خلافة معاوية بن أبي سفيان ،في العام العام الخامس والخمسين للهجرة ودفن في البقيع .
      ويبدو أن تسمية مسجد كانتون بإسم (وقاص) يعود إلى أن بنائه تم على أيدي جاليات مسلمة استقرت هناك ، وربما تيمنا باسم الصحابي الجليل ..،

      وللعلم ، قبل نهاية القرن الأول الهجري كان غزوات الإسلام اقتربت من حدود الصين الغربية على يد القائد قتيبة بن مسلم الباهلي ، ولم تتوغل داخل الصين ، ولكن بحكم الجوار والتجارة انتقل الإسلام إليها ،كما كانت هناك بعوث للخلفاء أولها في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان وما تلاه من الخلفاء إلى الصين .
      ويمكن العثور على تفاصيل موسعة بالبحث عن المسلمين في الصين ، أو الغزوات الإسلامية والصين في ويكبيديا وغيرها ..
      ودمتم بحفظ الله .

اترك تعليقاً