• Post published:02/11/2023

 

 

افتتاحية العدد 18

مقتطفات من قديم مجلة تراثنا 

 

رفق الإسلام بالحيوان والطير والدواب
رفق الإسلام بالحيوان والطير والدواب

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

 لقد أكمل الله الرسالات بمحمد بن عبدالله بن عبد المطلب ،و ختم الأديان بدين الإسلام ، ولم يترك هذا الدين لخير البشرية شيئاً ، إلا دلهم عليه ، ونصحهم به ، وحثهم عليه .

 

ولم يقف هذا الدين في بركاته وخيراته عند الإسلام ، بل تعداه إلى العجماء التي لا تقدر على النطق ، بل إلى حشرات الأرض وهوامها .

 

 

الدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
د. محمد بن إبراهيم الشيباني

 

 

دخلت أمرأه النار في قطة حبستها
دخلت أمرأه النار في قطة حبستها

ولقد انتقل هذا الهدى ، بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلى صحابته وخلفاؤه ، فكانوا أكرم الخلق بعده ، وأسرع الناس إلى تطبيقها ، والتشديد عليها ، ولقد عرف عصر عمر بن الخطاب الخليفة الثاني بكثرة القوانين بأهل المدينة ،وإنما هي لجميع الأمصار الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية الكبرى .

 

كان عمر بن الخطاب رضي الله ينظر إلى الصغيرة في أمته وشعبه ، كما يرى الكبيرة ، لا يحابي صحابياً كان سابقاً في الإسلام ، أو متأخر الدخول به ، فالكل في العدل والحق واحد .

 

كانت معه درة يضرب بها كل من يظلم الناس بعلم أو بجهل ، وكان من آثار رحمته ورفقه بالحيوان ما نقله لنا الرواة العدول عن مثلهم ، فهذا المسيب بن دار يقول : رأيت عمر بن الخطاب ضرب جمالاً ، وقال : لم تحمل بعيرك ما لا يطيق ؟! ورأي رجلاً حد شفرته أثناء الذبح ، فضربه عمر بالدرة ، وقال : أتعذب الروح ؟! ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها ؟!

 

ونقل لنا العلامة محمد بن سيرين أن عمر رضي الله عنه راي رجلاً يجر شاة ليذبحها ، فضربه بالدرة وقال : سقها . لا أم لك ، إلى الموت سوقاً جميلاً ، كما انتقل هذا التأثير إلى أولاد الخلفاء ، فهذا عبدالله بن عمر رأى راعي غنم في مكان قبيح ، وقد رأى مكاناً أمثل منه ، فقال ابن عمر ، ويحك يا راعي حولها ، فأني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” كل راع مسؤول عن رعيته “.

 

ونقل عن معاوية بن مرة أنه قال : كان لأبي الدرداء جمل يقال له ” دمون” وكان الصحابة يسمون كل يملكون من بهائم وسلاح وأشياء ، فكان إذا استعاروه منه قال :لا تحملوا عليه ألا كذا وكذا ، فأنه لا يطيق أكثر من ذلك ، فلما حضرته الوفاة ، قال :” يا دمون لا تخاصمني غدا عند ربي فأني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق “.

 

ونقل عن الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز أنه كان له غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم ، فجاء يوما بدرهم ونصف الدرهم ، فقال :” أما بدا لك ؟ قال : نفقت السوق ، قال : لا ولكنك اتعبت البغل ، احمه ( أرحه ) ثلاثة أيام .

 

 

الرفق بالحيوان في الإسلام
الرفق بالحيوان في الإسلام

 

 

هذا غيض من فيض لجملة من الآداب النبوية الراشدة التي كان يتمتع بها الأولون بكل ذات كبد رطبة ابتغاء وجه الله ورضوانه ، فالرفق بالحيوان ، هذا المبدأ  العظيم أتي به الإسلام قبل الغرب ، ولم تكن رحمة المسلمين بهذه الحيوانات وما دونها بهدف الرفق فقط ، وإنما ابتغاء الأجر والمثوبة من الله يوم العرض الأكبر وخشيتهم من عقوبة في الدنيا قبل الآخرة .

 

وقد يصل تعذيب الحيوان وازهاق روحه من دون وجه حق اللعنة ، كما قال ابن عمر عندما رأي أولاداً صعار اتخذوا طائراً حياً هدفاً يرمونه بالحجارة ، لعن الله من اتخذ هذا قرضاَ (أي هدفاً).

 

أو تلك المرأة التي عذبت في هرة كما جاء ذلك في الأثر النبوي : ” عُذبت أمرأه في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت النار ، لا هي التي اطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (الحشرات والهوام ) .

 

سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإن لنا في البهائم لأجر ؟ فقال : في كل ذات كبد رطبة أحر .

والله أعلم ..

 

* رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا 

 

 

نقلا عن تراثنا – العدد 18

أنقر للتفاصيل 

 

 

غلاف مجلة تراثنا - العدد الثامن عشر - يوليو/ أغسطس 2000

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

الإسلام الأسبق ، الدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني ، رفق الإسلام بالحيوان والدواب ، بركات الإسلام للبشرية ، رفق الإسلام بالحشرات والهوام ، عصر عمر بن الخطاب ، قوانين عمر بن الخطاب في الدولة الإسلامية، درة عمر بن الخطاب ، عدم محاباة عمر بن الخطاب ، المسيب بن دار ، رفق عمر بن الخطاب بالبعير والجمل ، رفق عمر بن الخطاب على ذبيحة ، حد الشقرة للذبح ، العلامة محمد بن سيرين ، الرفق في الذبائح في الإسلام ، عبدالله بن عمر ، كل راع مسؤول عن رعيته ، الجمل دمون ، تسمية الحيوان بإسماء ،، الخليفة عمر بن عبدالعزيز والرفق بالحيوان ، الآداب النبوية ، الإسلام يسبق الغرب بالرفق بالحيوان ، لعن الله من اتخذ هذا قرضا ، المرأة التي دخلت النار في هرة ، في كل ذات كبد رطبة أحر ، مجلة تراثنا ، تواصل مع تراثنا.

 

اترك تعليقاً