• Post published:16/03/2023

الحلقة الأولى

إنتقاءات من مجلة تراثنا 

 

الرحالة البريطاني برترام توماس بالزي العربي
الرحالة البريطاني برترام توماس بالزي العربي

 

مغامرات استكشافية .. بريطانيون ثلاثة في صحراء الربع الخالي !

 

تراثنا – كتب عرفه عبده علي * :

 

كلما ازددت شغفاً بـأدب الرحلات ، ازددت قناعة بأن رحالة الغرب كانوا أكثر حرصاً على تلبية نداء الصحراء ، حيث الحياة المطلقة بين الرمال المتعددة الألوان ، والظلال والفضاء الممتد بلا حدود ، التي حركت مخيلات الشعراء والأدباء والرحالة و الفنانين والمغامرين !

 

الباحث عرفة عبده علي
الباحث عرفة عبده علي

 

  • غالبية الرحالة الغربيين تركوا لنا أدق وأجمل الآثار عن جزيرة العرب شكلت مصدراً هاماً للجوانب السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والدينية .

  • كتابات الرحالة برترام توماس مميزة بوصفه أول رحالة يتمكن من عبور صحراء الربع الخالي وهو ”  رحالة محترف من قمة رأسه حتى أخمص قدميه “.

  • كوَّن توماس علاقة وثيقة مع سلطان عُمان مما وسع علاقاته مع الشخصيات ذات النفوذ في القبائل العربية وأجاد لهجاتهم رغم كونه بريطاني مسيحي !

 

الرحالة البريطاني برترام توماس يتوسط مجموعة من عرب الجزيرة
الرحالة البريطاني برترام توماس يتوسط مجموعة من عرب الجزيرة

والغالبية من هؤلاء الرحالة الغربيون ، تركوا لنا أدق وأجمل الآثار عن جزيرة العرب ، وقدموا في كتاباتهم تفاصيل بالغة الأهمية ، تناولوا فيها الجوانب السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والدينية ، ولا شك أن هذه الكتابات شكلت مصدراً هاماً عند كتابة تاريخ جزيرة العرب .

 

وقد بقيت هذه المنطقة من “جزيرة العرب” مجهولة تماماً للعالم ، لا يُعرف عنها شيئ ، تلك هي المعروفة ب “الربع الخالي ” وقد كان هذا الربع الخالي يعتبر من أكثر مناطق العالم انغلاقاً ، وصعوبة واجتياز ، فهو بحر من الرمال ، ولا تكاد توجد به آبار مياه !

 

المغامرون الثلاثة 

 

وبعد أن ازداد عدد أؤلئك الرحالة الذين سافروا إلى بلاد العرب ، بقيت تلك المنطقة لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها ، فقد تركت فرصة الوصول إليها لأولئك الرحالة الإنجليز الثلاثة العظماء وهم : جون فيلبي ” G .Philpy ” ، وبرترام توماس ” B. THOMAS” ، ويلفريد ثيسيجر ” W.thesieger ” وهم الأبطال الثلاثة الذين عملوا جاهدين على ترويض تلك المنطقة المجهولة ” الربع الخالي “!

 

الرحالة المحترف ..بروترام توماس

 

وتتميز أهمية كتابات “بروترام توماس” .. كونه أول رحالة يتمكن من عبور صحراء الربع الخالي ، تعلم توماس في مدرسة القرية ، ثم تلقى دروساً خاصة والتحق بالجيش عام 1908 م ، وعمل في العراق ، في المكتب السياسي برئاسة السير أرنولد ويلسون ، ،ومستشاراً للحكومة العربية في شرقي الأردن عام 1922 م ، ومستشاراً مالياً لسلطنة عًُمان عام 1924م .

 

وقام برحلته التي عبر فيها صحراء الربع الخالي عام 1930 – 1931م وكشف أسراره ، بعد تركه الخدمة في الحكومة ، تفرغ إلى الدراسة والكتابة حتى عُين مديراً لمركز الشرق الأوسط للدراسات العربية (شملان) عام 1944م بلبنان .

 

 

توماس وسلطان عُمان 

 

سلطان عُمان تيمور بن فيصل البورسعيدي
سلطان عُمان تيمور بن فيصل البورسعيدي

 

 

وكان توماس كما يصفه بيدول ” رحالة محترف من قمة الرأس إلى أخمص القدم ” وكانت أمنيته أن يجتاز الربع الخالي ، ومن حسن حظه أنه وجد الوقت الكافي لكي يعد نفسه للرحلة بكل لوازمها ، ساعده على ذلك علاقته بسلطان مسقط ، حيث عمل مستشاراً مالياً ووزيراً مفوضاً ،ووقد اصطحبه السلطان معه في العديد من رحلاته بالمناطق الساحلية لشرق عمان .

 

أمواج بعد أمواج

 

رحلات استكشاف صحراء الربع الخالي
الغرب ورحلات استكشاف صحراء الربع الخالي

وهو أول من وصف رمال الربع الخالي :” ما أشد وقع هذا البحر الهائل من كثبان الرمال عندما تقع عليه انظار المرء لأول وهلة فتراه يمتد أمامك أمواجاً بعد أمواج .. وقد تأتي لحظة يجد المرء نفسه أمام لوحة رائعة الفخامة والجلال كأنما ابدعتها ريشة فنان عظيم شديد الكبرياء بلون أحمر وردي عميق الصفاء ، تحت سماء بلا غيوم وضوء ساطع بهيج ، هنا يشعر المرء بنفس الشعور الذي يغلبه مع شتاء سويسرا .. حيث الطبيعة تتحدى أعظم الرسامين” !

 

علاقات وثيقة مع القبائل 

 

وعن بداية اهتماماته بمنطقة الربع الخالي ، وكيف تبلورت فكرة وضع خطة لاجتيازها كتب : ” عملت ثلاثة عشر عاماً قضيتها في السلك السياسي بعد الحرب العالمية الأولى في ثلاث جهات من الجزيرة العربية ، وقد مكنني هذا من إتقان اللهجات القبلية والعادات العربية ،والتأقلم معها ، وقد كرست نفسي سنوات كثيرة لمهنتين ، هما كيف اضمن وسيلة للوصول إلى أغوار المنطقة ، ثم كيف يمكنني أن أكسب صداقة القبائل هناك ، وقد بدأت صلتي بالناس في المنطقة الجنوبية الشرقية من الجزيرة العربية ، بعد أن عُينت مستشاراً في مجلس وزراء عُمان ،وذلك بالنظر إلى العلاقة الودية القائمة بيني وسلطان البلاد ،وقد أتاح لي هذا الوضع أن أعقد صلات كثيرة وعلاقات وثيقة مع الشخصيات العربية ذات النفوذ في تلك المنطقة ، وقد أسفر هذا عن موقف يتسم بالتسامح والود تجاهي كرجل إنجليزي ومسيحي في الوقت نفسه ، ولولا ذلك  لكان من المستحيل علي أن أضع قدمي على تلك البقاع .

 

أكاليل النصر 

 

  أصبح الربع الخالي بالنسبة إلى أثنين من الرجال الذين عرفوا بلاد العرب وصحاريها معرفة تامة ، رمزاً للتحدي ، فمن وجهة نظر توماس وفيلبي أصبحت هذه ال 25000 ميل مربع ميداناً للتنافس بين الرجلين ، ليصبح كل منهما أول رجل أوروبي يعبر الربع الخالي ، وأخيراً وعندما حان الوقت لتحويل أحلامهم إلى الحقيقة والواقع ، برهنا على أنهما يستحقان كلاهما أكاليل النصر !

 

 أنقر تقرير عكاظ عن توماس

 

تقرير عكاظ عن الرحالة البريطاني برترام توماس

 

 

صور بعدسات رحالة بريطانيين في سلطنة عمان
صور بعدسات رحالة بريطانيين في سلطنة عمان

 

 

لقد كتب لورنس في عام 1932م في تقديم كتاب برترام توماس بلاد العرب السعيدة : ” لا نعرف أول رجل وطئت قدماه تلك الأراضي البكر بقصد الاستكشاف ولكن من المؤكد أن – توماس – كان آخر رجل قام بذلك ، وقد أتم رحلته بالطريقة  القديمة ، التقليدية راكباً جمل يزرع الأرض بألم وصمت ، لا يملك شيئاً غير صفات الصبر والإقدام “، هكذا وصف لورنس رحلة توماس التي لم تكن آخر رحلة إلى شبة الجزيرة العربية .

 

*كاتب وباحث مصري له مؤلفات وكتب عدة .

 

يتبع لاحقا ..

 

 

نقلاً عن تراثنا العدد 84 

أنقر لتفاصيل العدد 

مجلة تراثنا - العدد 84 -جمادي الآخرة 1444هجري- يناير 2023 م

 تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً