• Post published:23/06/2021

 من كتاب ( في بلاد اللؤلؤ ) الحلقة (6)

  سطور من ماضي الكويت بعين شامية

 

مرابع الكشتة (النزهة ) قي الكويت قديما
مرابع الكشتة (النزهة) قي الكويت قديما

 

تراثنا – التحرير :

 

في الحلقة السادسة ، يعود بنا الكاتب السوري والمحامي فيصل العظمة” يرحمه الله ” إلى انطباعاته عن كويت عام 1942 م ، التي دوَّنها في كتابه ( في بلاد اللؤلؤ ) ، وكان قد قِدم إليها تطوعاً براتب زهيد للعمل مدرساً مع زميلين آخرين لعام واحد في أمارة  صغيرة تطل على رأس الخليج .

 


الإستاذ فيصل العظمة - يرحمه الله

العظمة في ذكرياته

 

  • ابو حليفة نفوسها  300 نسمة فيها مدرسة أولية وجامع ، وأهلها يشتغلون بالزراعة ، وقطف اللؤلؤ وصيد الأسماك .

  • الدمنة قصدتها مع نفر من المعلمين والتلامذة ، وزرت فيها العالم الفاضل الشيخ يوسف بن عيسى الجناعي رجل مهيب .

     

  • التقيت براعي غنم يترنم بأبيات من شعر بورسلي ، يتغزل بمحبوبة (غَضّة فُضّة) لها اسنان كاللولو وقرونها ( لهني ) مشيرا إلى ساقه !!

 

يستعرض العظمة قرى عدة قام بزيارتها مع جموع المدرسين ، وفي صحبتهم طلاب الفصل أحياناً ، نظمتها الجهات التعليمية لتعريفم بالبلاد وأهلها (ص 60 – 62) ،

 

بو حليفة 

 

قرية ابو حليفة الزراعية سابقة وقد غصت بالعمران واختفت المزارع والبساتين
قرية ابو حليفة الزراعية سابقة وقد غصت بالعمران واختفت المزارع والبساتين

قرية صغيرة ، يقصدها بعض الناس لقضاء فصل الربيع فيها ، تبعد عن الفنطاس خمسة أكيال إلى الجنوب ، ذهبنا إليها ذات مرة مع الملا مزعل ،وزرنا شيخ البلد في ديوانيته ، وما دخلنا حتى نهض ونهض كل من في المكان ، فسلمنا وقعدنا .

 

والديوانية غرفة مستطيلة ،واسعة مظلمة ، وفي سقفها فتحة لخروج الدخان ، وعلى الجدران صور متقفنة جميلة ، تمثل عقلية العربي ، فرس ودلة قهوة ، ونخلة وبندقية وقمقم ومبخرة ، وفي الأرض وجاق محفور ، وعلى طرفه سلم من الطين ، من (عدة ) درجات ، وعليها ( المعاميل ) وتتألف من اثنى عشر إبريقاً ودلة دمشقية من كل حجم ، من الإبريق الذي يعلو عن الأرض نصف متر إلى الدلة الصغيرة ، التي تتسع لفنجالين .

 

هات القهوة 

 

رحبّ بنا القوم ، وسألونا عن سورية ، ووجدتهم يفهمون الفكرة العربية فهماً حسناً ، وبعد قليل نادى الشيخ : القهوة ، فأجاب العبيد : ” قهوة أي والله قهاوة ” ، ولم أذعر هذه المرة لأنني تعودت .

 

دلال القهوة مظهر ملازم لأكرام الضيف في الديوانية الكويتية قديما وحديثا

وللحال أقبل الخدم يصفون الأباريق والدلات ، وبعد قليل أتي ” ياقوت ” العبد الاسود ،وشب النار ، ووضع فيها بعض عيدان من شجر الحمض ، ذي الرائحة الزكية إكراماً لناً .

 

300 نسمة 

 

ويسترسل الكاتب العظمة في وصف تفاصيل الضيافة التي لقيها وزملاءه لدى صاحب الديوان ، ولا ينسى طبيعته التعليمية ، بوصفه مدرس ، فيعود للحديث عن وصف طبيعة المنطقة وسكانها فيقول : وأبو حليفة قرية على ساحل البحر ، نفوسها 300 نسمة ، فيها مدرسة أولية وجامع ، وأهلها يشتغلون بالزراعة ، وقطف اللؤلؤ وصيد الأسماك .

 

وهي متربع لطيف ، كثيراً ما يقصدها الشيخ حمود الجابر  ،شقيق سمو الأمير ( أحمد الجابر الصباح ) للاستراحة ” يرحمهم الله ” .

 

الفحيحيل 

 

الشيخ يوسف القناعي
الشيخ يوسف القناعي

 

ويقول الكاتب فيصل العظمة عن موقع قرية الفحيحيل : ” جنوب أبو حليفة ، بخمسة أكيال ، نفوسها 400 نسمة ، فيها مدرسة أولية ، وجامع ، وأهلها يعملون كجيرانهم أهل أبو حليفة .

 

الدمنة 

 

وعن هذه القرية ( الدمنة ) يقول : تبعد عن مدينة الكويت جنوباً بشرق نحو سبعة أكيال ، نفوسها 300 ، فيها جامع ومدرسة أولية ، يُعلم فيها الملا سعود ، الذي يقوم أحيانا بوظائف كثيرة غير التعليم ، وقد دُعي لتغسيل أحد الأموات ولكن رفض .

 

طالع : الحلقة السابقة ( الخامسة ) : قرية الفنطاس .

 

قصدتها مع نفر من المعلمين والتلامذة ، وزرت فيها الشيخ يوسف بن عيسى الجناعي ” يرحمه الله ” ، وهو عالم فاضل ، ورجل مهيب ، كان مدير المعارف سابقاً ، وقدّم للكويت خدمات جلى مشكورة ، وقرب الدمنة توجد “الرميثية ” مكان جميل .

 

طرائف 

 

فتى يرعى قطيع من الجمال
فتى يرعى قطيع من الجمال

 

من طرائف ما دونه الاستاذ فيصل العظمة – يرحمه الله –  هذه المحادثة الطريفة التي دارت بينه وفتى يرعي الغنم باللهجة الكويتية ، وكان الراعي يترنم بهذه الأبيات للشاعر الشعبي فهد بورسلي ” يرحمه الله ” عائداً إلى الفنطاس وأمامه قطيع من الماعز  :

 

يا طير يلي كلما طار 

 

 زاد العنا والهم فيه 

 

من يبتلي بحب البكار ( أبكار )

 

ضاجت ( ضاقت ) عليه أرض وسيعه ( واسعة )

 

وقفت أنا والبال محتار 

 

ياهل ( أهل ) النظر ردوه عليَّه ..

 

الشاعر فهد بورسلي
الشاعر فهد بورسلي

يقول العظمة : ” فلما حاذاني ، بادرته بالتحية :السلام عليكم ، قال : وعليكم السلام ، قلت : الله بالخير ، أي مساك الله بالخير ، قال : الله بالخير ، سالته : اين تذهب ؟ ففرقع بأصابعه كعادة الكويتيين ، وقال ” هنيش ” أي هناك بعيد ، كلش .

 

قلت : ألا تمل ؟ قال : لا ” أكو ” أي يوجد خيام قاعد . وأكو ” بنية ” أي فتاة ، فقاطعته سائلاً : ” زينة ” جميلة ؟ ففرقع بأصابعه وقال : الله الله زينة كلش ” بظه ” بضه مثل الفظة ” فضة ” قرونها ، أي ضفائرها لهني (هنا) واشار إلى ساقيه ، أسنانها لولو ، أقول كلش زين .

 

قلت : ترى أبي (أريد) روح وياك ، فقال بصراحته العربية المحببة : أنا ما أبي (لا أريد) . قلت معجباً : ” شحقا ” لماذا ؟ ، قال : ترى انا ما استأنس إلا ” بروحي ” منفرداً ، فضحكت ، وقلت تبقى روحك معاك ، تخاف ؟ فنظر  إلي نظرة تحد ، وقال : ” شمنا ” أي من أي شيء ؟ قلت : ما أدري عنه ، قال ، لا أنا ما أبي ، قلت : مشكور ، فأجاب : ممنون ، قلت مودعاً على عادة الكويتيين : بأمان الله ، قال : بأمان الله ، ثم مضى يغني .

 

يتبع لاحقا ..

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً