هذا الشرق العربي
تقرير مجلة المجتمع الجديد المصرية عن كويت عام 1974
تراثنا – التحرير :
استل الباحث النشط ، خالد سالم السداني من مجلة المجتمع الجديد المصرية – وهي من نوادر المجلات العربية – تغطية عامة ومصورة عن “إمارة الكويت ” في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح عام 1947م .
تناول محرر التغطية – الذي لم يذكراسمه – تفاصيل عدة عن الكويت تحت تبويب (هذا الشرق العربي) ،موضحاً دور الشقيقة مصر في دعم وتطوير التعليم ، وامداد الكويت بالمناهج والكتب والمدرسين ،ولأهمية هذا المبحث ، تنشره تراثنا على موقعها لتعميم الفائدة ، معززا ًبالصور التاريخية التي نشرتها .
يقول الكاتب المصري : لاحظت أن أغلب أخواني المصريين ليست لديهم المعلومات الكافية عن الكويت وموقعها وأهلها ، بما حدا بي إلى كتابة هذا الموجز الذي أود أن يجد فيه إخواني المصريون عوناً على معرفة ما يهمهم عن هذه الإمارة العربية .
موقعها الجغرافي
تقع إمارة الكويت في أقصى الشمال الغربي من خليج البصرة ( الفارسي) حنوب مدينة البصرة ، وهي بمثابة جسر تنقل بواسطته البضائع الواردة من الهند إلى كافة البلاد العربية ، فسميت بقفر (1) الخليج أو – درته اللامعة – وذلك لأهمية موقعها .
ومما زاد أهمية مركزها وجود النفط (2) الذي تستحوذ عليه شركة البترول الانكليزية والأمريكية ،وهي تنتج منه في الوقت الحاضر مليونا ونصف طن ، هذا ويقدّر العارفون بأنه سيبلغ في سنة 1951م عشرة ملايين من الاطنان .
مناخها
ومناخها يشبه مناخ مصر إلى حد كبير ، غير أنه يمتاز بجفافه ، ونتيجة لهذا كان الأهالي في ايام الصيف ينامون فوق سطوح المنازل تحت السماء الصافية ، ويمتاز شتاؤها أيضا بوفر أمطاره نسبياً.
أهمية اللؤلؤ في الكويت
وقد اشتهرت الكويت بصيد اللؤلؤ الذي هو السبب في ازدياد الثروة عند كثير من أهلها قديماً ، وتدهورهم المالي حديثاً لكساد تجارته بسبب طعيان اللؤلؤ الصناعي ، وانتشاره في جميع الأسواق العالمية .
ولكن أهلها لم يركنوا إلى هذا المورد ، بل حولوا سفنهم الشراعية إلى سفن كبيرة ، تستطيع عبور المحيط الهندي والوصول إلى سواحل أفريقية الجنوبية والشرقية منها ، بقيادة ربابنة كويتيين لنقل البضائع من بلد إلى آخر ،و منه إلى الكويت فبقية البلاد العربية .
وقد ساعدت هذه السفن البلاد العربية عندما أخذت البواخر المحملة بمستلزمات الحياة تتأخر نتيجة للحرب العالمية الثانية ، فكانت تنقل المواد الغذائية من الهند وغيرها وتجلبه نحو الكويت ، ومنها إلى بقية البلاد العربية ، فاستفاد أهل الكويت فائدة كبيرة ، عوضت عليهم ما خسره ، بسبب الكساد إلذي أصاب تجارة اللؤلؤ قديماً ، ومما زاد في سروة (3) أهلها مهارتهم الفائقة في التجارة وفنونها وحسن معاملتهم مع عملائهم .
الحكومة وإدارة البلاد
ويحكم الكويت أمير من عائلة الصباح ،وهو عظمة “السير” (4) الشيخ أحمد الجابر الصباح ، الذي يمتاز بحلمه وتواضعه ودماثة خلقه ، حتى إنك لو جلست معه أُشعرت بأنك أمام والدك البار الحنون .
أما إدارة البلاد المباشرة فهي بيد بعض أفراد الأسرة الحاكمة البارزين ، الذين يترأسون مجالس تشرف على الدوائر المهمة ، كإدارة المعارف والأمن العام ، والمحاكم والبلدية والمالية والشرطة ، وهؤلاء يرفعون تقاريرهم إلى سمو إمير البلاد .
السياسة الأنجليزية في الكويت
وللانجليز حق الإشراف على سياستها الخارجية فقط ، بواسطة معتمد يعيّن مرة من قبل رئيس الخليج (البصرة أو الفارسي) ، الذي يقيم في (إبو شهر) ( (5) ، والذي تعينة حكومة الهند ، إما إدار البلاد الداخلية فليس للأنجليز يد فيها .
سكانها
وجميع سكان الكويت البالغ عددهم 200 ألف نسمة تقريباً عرب ، يدينون بالإسلام ، وهناك جالية إيرانية وردت على الكويت لطلب القوت عندما تعسرت الأمور في إيران .
التعليم
كان التعليم في الكويت قديماً أي قبل اثنتي عشر عاماً تقريباً ، قاصراً على الكتاتيب التي يتلقي فيها الطلبة القرآن الكريم ، ومباديء القراءة والكتابة والحساب .
قامت في البلاد نخبة من الرجال المثقفين ثقافة عامة ، وأسسوا مجلساً يسمى إدارة المعارف ، وجعلوا رئيسه أحد أفراد الأسرة الحاكمة وهو الشيخ ” عبدالله الجابر الصباح” ، الذي اشتهر بتفانيه وسهره على مصلحة ابناء اكويت ،وسعيه في إيجاد نشء مثقف صالح لخدمة الوطن .
وفتحوا المدارس في جميع أنحاء البلاد ، مستعينين في باديء الأمر بمدرسين ونظّار من فلسطين وسوريين وكويتيين ،وجعلوا التعليم فيها مجاناً للغني والفقير ، هذا عدا مساعدة الفقير بالكسوة الشتوية والصيفية في جعل أهل البلاد يتزاحمون على الدخول في هذه المدارس الحديثة.
البعثة التعليمية المصرية في الكويت
ولن تنسى الكويت وأبناؤها فضل مصر عليهم في السنوات الأخيرة لما بذلته الحكومة المصرية من مساعدة جمة في إرسال بعثات من المدرسين المصريين ،وقبول بعثات من الطلاب الكويتيين الذي يبلغ عددهم الآن في مصر ستين تلميذاً ، يضمهم بيت واحد في الزمالك (6) على نفقة المعارف الكويتية .
يشرف على نظامه وسيره شاب كويتي ، يمتار بخلقه النبيل وسهره على راحة الطلاب ،وهو متخرج في معهد التربيةالعالي بمصر ، والطلبة موزعون على مختلف المدارس والكليات والمعاهد العلمية .
وفي الكويت مدرسة ثانوية ، وعدد من المدارس الابتدائية في المدينة والقري ، وروضة أطفال ومدرستان للبنات غير مدرسة الثقافة النسوية التي ستنشأ حديثاً.
ويتولى التدريس بهذه المدارس مصريون وكويتيون ، إما ادارة التعليم فهي بيد أستاذ تندبه وزارة المعارف المصرية لهذا الغرض ، ويتولى الإدارة الآن هو الاستاذ الكبير “طه السويفي بك” ، الذي يبذل أقصى جهده في سبيل نهضة التعليم وتعميمه في البلاد .
أما المنهاج الذي يتناوله التلميد الكويتي فهو نفس المنهج الذي يتناوله المصري تماما ، وفي الكويت الآن نهضة تعليمية قوية تبشر بمستقبل باهر لأبنائها في ميادين الثقافة والنشاط لرفع مستوى بلادهم ، فالمدارسة مزدحمة بالتلاميذ الذين أخذوا يقبلون على التعليم إقبالاً زائداَ وخاصة في السنوات الأخيرة عند البنين والبنات .
هامش
1– قفر : الخلاء من الأرض لا ماء فيها و كلأ .
2- اكتشف اول بئر نفط في الكويت في منطقة برقان عام 1933م ، ثم استمر الاكتشاف ، وتم تصدير أول شحنة من النفط في عام 1946 م ، انظر الموسوعة الكويتية المختصرة – حمد السعيدان .
3- سروة : السهم .
4- السير : وهي sir كلمة انجليزية تعني السيد .
5- ابوشهر : بوشهر .
6- هو ( بيت الكويت) في القاهرة ، أنشأته الحكومة الكويتية عام 1945 م ، وهو بيت خصص لإقامة الطلاب الكويتين المبتعثين في القاهرة ، وللتوسع ، انظر كتاب ” بيت الكويت في القاهرة ” لمظفر عبدالله راشد .
*والمزيد من التفاصيل في الكتاب لمن أراد الاستزادة والتوسع بالمطالعة .
كاتب وكتاب
تقرير مقتطف من كتاب (أعلام الكويت في أعلام الزركلي ..) إعداد الباحث : خالد سالم السداني ، الطبعة الأولى 2023 م ، يقع في (105)صفحات ، نسخة الكتاب مهداة من المؤلف إلى د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت .
تواصل مع تراثنا