الحلقة الثالثة
ذكريات كويتية من حقبة الخمسينيات

تراثنا -التحرير :
تتسم المطبوعات المهداة لمكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، بالاخص التي تعني بتدوين سيرة كاتبها ، بإهمية خاصة بما توفره من معلومات دقيقة تكشف واقع الحقبة الزمنية والمؤثرات والمتغيرات التي دخلت على الحياة الاجتماعية عامة آنذاك.

من الاهداءات القيّمة للمكتبة ، كتاب (شريط حياة مهندس : مهني ، أكاديمي ، نقابي) لمؤلفه د. حسن عبدالعزيز عبدالله السند، وفيه يستعرض الكاتب شريط ذكرياته بتفاصيل دقيقة ، تكتفي تراثنا بانتقاء مقتطفات عامة ، بقصد توثيق الحياة الاجتماعية في كويت الخمسينيات وما بعدها، وتسليط الضوء على أسرها ورجالاتها وسكانها وطبيعة الحياة والحارات بالاجمال.
زكوات عبداللطيف العثمان

في الحلقة الرابعة ، يقول د . السند : كان جدي الشيخ عبدالله صديقاً لعبدالله عبداللطيف العثمان – يرحمهما الله – الذي طلب منه أن يكون إماماً لمسجد العثمان (1950 -1960) ، وهو المسجد القديم الذي يقع داخل سور (حوطة) كان عبدالله العثمان يستخدمها لتوزيع زكاته سنوياً قبل دخول رمضان ، حيث يحتشد عدد كبير من النساء والرجال في هذا المكان لتسلم الزكاة .

وإلى الشمال من هذه الحوطة ، بُني مسجد العثمان الحديد سنة 1960 م ، حيث تمت استضافة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد – يرحمه الله – ليقرأ القرآن في حفل الافتتاح ، الذي كان تحت رعاية الشيخ عبدالله المبارك ، وقد ألقى جدي عبدالله كلمة في الحفل (1).
الهروب من روضة الاطفال
ومن ذكرات د . السند التي تعيد لكثير من القراء تلك الحقبة وهي هروبه وتغيبه عن القيلولة (فقرة النوم) بروضة الأطفال – ما بعد الظهر- خلال العامين الدراسيين (1957 – 1958 / 1958- 1959م)، لأنه لم يكن يحب هذه الفقرة !
وبدلا عنها كان يقصد الورشة العسكرية (وزارة الدفاع لاحقاً) حيث كان يعمل والده ، ويعترف بأن الإدارة لاحظت تغيبه إذ :” لم أبتعد قليلاً عن سور الروضة إلا وكان حارس المدرسة يلحق بي ويعود بي إلى الروضة على دراجته” !

في تلك الحقبة ، كان المصروف اليومي للاطفال يدفع لهم ب (الآنه) ، إذ يوضح د .السند أنه اعتاد وأخيه اسعد طلب مصروفه اليومي صباحاً من عمه ، وكان المصروف عبارة عن أربع (آنات) لشراء الآيسكريم (البرّد) ، وتعادل الأربع آنات: (17 فلساً) ، أي ربع روبية ، وهي العملة المتداولة في الكويت قبل دخول الدينار ، عملة الكويت الجديدة بعد الاستقلال عام 1961) ، منوها ان راتب والده الشهري كان يعادل (48.250) دينار فقط في عام 1957 ، وهو معدل الرواتب المعتادة آنذاك .
المطوعة

ويكشف د .المسند عن دراسته علوم القرآن عند المطوعة في فترة الصيف ، وكان المنزل الذي يدرس فيه يقع بين نقرة العثمان ونقرة الطواري .
معنى الموت !
وفي سياق متابعتنا للمذكرات، نتوقف عند حالة اضطراب طفل بحسه المرهف البريء وحيرته عندما يغيب ” الموت “صديقاً أو عزيزاً ، وقد اعترت د .السند الدهشة لوفاة زميل له في روضة الاطفال ، إذ يعبر عن شعوره بالحيرة قائلا: ” لم استوعب كيف يموت وهو طفل صغير ؟؟
ويمضي إلى القول : ومع تقبلنا بأن الجميع معرضون للموت ، بغض النظر عن عمره ، فقد كان جدي الشيخ عبدالله يكرر في كل خطبة جمعة ” كفى بالموت واعظا” .
هوامش :
1– عدنان عبدالله العثمان ، ” قصةمسجد ” القبس 15 يناير 2024 .
* للتوسع في تفاصيل سيرة الكاتب وأسرة السند الكريمة مطالعة الكتاب .
كاتب وكتاب
انتقاءات مقتطفة من كتاب (شريط حياة مهندس : مهني ، أكاديمي ، نقابي) لمؤلفه د .حسن عبدالعزيز عبدالله السند، الطبعة الأولى 2025م ،يقع في 133 صفحة من الحجم الوسط ،النسخة مهداة من الكاتب إلى مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت .
تواصل مع تراثنا