جولات تراثية
الأزمات الاقتصادية ترمي بظلالها على أسواق الشارقة التراثية

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
مهما طال الزمن وامتدت الإيام ،فإن القلوب المتعلقة بما تركه الأقدمون من آثار وتراث، تبعث في الروح شباباً جديداً نابضاً ، يجري مجرى الدماء في العروق، مع كل إضافة جديدة تنضم إلى مجموعته ومقتنياته تزيدها تألقاً وقيمة ، تأتي من حصاد الجولات في اراضي الله الواسعة شرقاً وغرباً .

د . الشيباني :
-
الكساد يخيم على سوق بيع المقتينات النادرة وأغلب المحلات مغلقة وأصحابها يتخلصون من محتوياتها ويستبدلونها بأنشطة أخرى تدر ربحا أكبر !
-
خَلَصْنا من رحلتنا هذه بنتيجة مؤداها ان الشارقة لم تعد سوقاً جاذبة لمحبي جمع التراث والانتيك وبصدد دراسة البحث عن أسواق شهيرة أخرى !
-
أسفرت رحلتنا الأخيرة لأسواق الشارقة التراثية عن حيازة مجموعة من المحابر الأفغانية القديمة يعود أقدمها إلى نحو 150 سنة وغيرها .
هذا الشعور ينتابني في كل رحلة أقوم بها في جولاتي وزياراتي خارج الكويت بحثا عن الموروث ، سواء قمت بها شخصياً ، أو برفقة فريق من الباحثين والنظّار في مركز المخطوطات والتراث والوثائق الذي أترأسه بالكويت .
جولاتنا التراثية

ولذلك تكررت زياراتنا لكافة الإمارات السبع وهي : أبوظبي ، دبي ، الشارقة، عجمان ، أم القوين ، رأس الخيمة ، والفجيرة .
وكانت أخر رحلاتنا في منتصف شهر ابريل العام الجاري 2025م ، إلى جيراننا في دول الخليج العربي، وهي زيارات متكررة لهذه الدول الشقيقة ، حيث تشاركنا اللغة والتاريخ والمصير والثقافة والعادات والأصول العائلية والنسب والدين .
وكنا أحيانا نختص أمارة معينة بذاتها دون غيرها بالزيارة ، تبعاً لما يتوفر لدينا من معلومات عن مقتينات نحرص على استكمال بها مجموعتنا لدي أحد المهتمين من جامعي التراث في تلك الإمارة .
أسواق التراث في الشارقة

وكان تركيزنا في زيارتنا الأخيرة على إمارة الشارقة ، لوجود أسواق خاصة للتراث الإسلامي والعربي والمحلي في مكانين هما :
– سوق الشارقة الإسلامي .
– وسوق العرصة التراثي .
في هذين السوقين ، تمكنا في أيام انتعاش عروضها ، ونشاط محلاتها ،من حيازة الكثيرمن المقتنيات،تنوعت ما بين : مخطوطات ، ووثائق ، ومحابر ، وغيرها .
الهروب من السوق !

ولكن في هذه الزيارة اختلف الأمر،إذ لاحظنا أن الأحداث المتأزمة دولياً، والكساد الاقتصادي انعكس بدوره على دول المنطقة في الخليج ،وانسحب بالتالي على سوق طلب الأنشطة التي تزاول بيع المقتنيات التراثية في سوقي الشارقة والعرصة، فأُغلقت أكثر محلاتها وهُجرت ، وعزف الناس رواد السوق عن شراء واقتناء الانتيكات والكتب والمخطوطات القديمة والنادرة ، بل بدأ بعض أصحاب المحلات إلى المسارعة ببيع ما عنده من مقتنيات ، بغرض الاستفادة من المال المتحصل في نشاط آخر يدر عليه ربحا أكبر !
وكانت نتيجة زيارتنا الأخيرة لاسواق الشارقة التاريخية محابر أفغانية قديمة ، واسطرلاب قديم تعود إلى نحو: 50 و 70 و 150 سنة ، وبعض المقتنيات الأخرى من عهود مختلفة .
وداعاً لإسواق التراث بالشارقة

خَلَصْنا من رحلتنا هذه بنتيجة مؤداها ان الشارقة لم تعد سوقاً جالباً لمحبي جمع التراث والنوادر من قديم المقتنيات مثل السابق، وبذلك خسر ذلك السوق شريحة كبيرة من مرتاديه ، للأسباب آنفة الذكر ، وعلى ضوء ذلك سنضطر آسفين ، إلى تحويل وجهتنا في الإيام القادمة إلى أماكن أخرى مشهورة ، نحصل من خلالها على مبتغانا ، مما نحوم حوله وندندن طيلة السنين الماضية .
وبالله التوفيق وهو المستعان .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
تواصل مع تراثنا