الحلقة 16
سوالف من الشرق والغرب

تراثنا – التحرير :
قال الكاتب سمير الشيخاني * : ” في يقيني أن لا شيء يحل محل النادرة اللطيفة ، فهي تقرب منا أولئك الذين يجعل البعد منهم أناساً عظاماً ، أو أناساً مشوهين ، انها في الواقع ، الرسوم التي تزين مجلداً ضخما .” التاريخ الصغير ” .
في الحلقة 16 ، يستعرض المؤلف غرائب وعجائب ولطائف منتقاة من التاريخ ، وبالأخص ما يختص ببلاط الملوك والأمراء والامبراطوريات في الشرق والغرب عبر التاريخ ، انتقت تراثنا جانب منها: ص (57 -58) :
الإمبراطور الراهب

أهو تعب أم يأس ؟ أم لعله تلبية لشعور صادق بالتقوى والورع ؟ مهما يكن من أمر ، فقد نزع الإمبراطور شارل الخامس (شارلكان) جبته الإمبراطورية القرمزية ، وانسحب إلى الأسكوريال يعيش عيشة الرهبان والزهاد .
وهناك أخضع نفسه لأقسى أنواع النظم في المعيشة ، وشاطر الرهبان زهدهم وقناعتهم ، وذات يوم ، كان عليه أن يوقظ إخوانه الرهبان صباحاً ، عمد إلى هز أحد المبتدئين منهم هزاً عنيفاً ظناً منه ان هذا المبتدئ ينام نوماً عميقاً ، فلم يكن من هذا إلا أن خاطبه بقوله :
ألا يكفيك يا هذا ! أن تكون قد ازعجت العالم ذلك الوقت الطويل، لكي تعتقد أنك مجبر على ازعاج أولئك الذين انسحبوا من العالم ؟!
الشيطان نسيب الملك !

كان الملك جورج الثاني البريطاني على خلاف شديد مع جميع وزرائه حول تعيين نائب للملك في إيرلندة ، وقد خرج مرة من اجتماع مجلس الوزراء على حين غرة مغضباً لمعارضة وزراءه له ، وبقي أمر التعيين معلقاً .
وانتظر الوزراء عودة الملك دون طائل ، وتولاهم القلق لما ايقنوا من أنه غير عائد ، فقر قرارهم على انتداب اللورد تشسترفيلد العجوز لمقابلته ، معتمدين على ذكائه وحكمته ، وقد كان .
وقال اللورد تشسترفيلد للملك بكل احترام :
-أني مكلف بمعرفة أي اسم تود جلالتك أن نملأ به البياض المتروك على العريضة .
فأحابه جورج الثاني ثائراً :
-ضع اسم الشيطان .
-ولكن ، يا مولاي ، سيصبح الشيطان ، أذاً ،النسيب المخلص المحبوب لجلالتك !
يتوج ملكا مع حماته

عندما أراد الإنكليز ، إثر هروب الملك جاك الثاني ، انتخاب ملك جديد ، واجهتهم صعوبات جمة ، فقد أراد الأحرار حرمان الملك جاك من السلطة وإسقاط حقه بالمُلك ،وانتخاب صهره ويليام الثالث ، من أسرة أورانج .
أما المحافظون فلم يقبلوا بمثل هذا التدبير الثوري ، وكان ينبغي في رأيهم الاكتفاء باعتبار هروب الملك جاك الثاني بمثابة تنازل عن العرش ، ولكن ويليام نفسه لم يكن موقفه ليبعث على تسهيل الأمور ، فهو لم يشأ أن يكون “زوج الملكة” ، أو “حاجب زوجته” .
ووُجد حل للمشكلة ، فقد أعلن ويليام وماري معا ملكين ، يتمتعان بالسلطات المتعادلة ، فكانت كل أعمال الحكومة تجمل اسميهما مجتمعين ، وننقل في هذا المجال العبارة نفسها التي رددها وليام إذ ذاك ، وهي أنه ” لم يكتف بعقد أشرطة مئزر زوجته “.
يتبع لاحقا ..
طالع الحلقة 15 :
ابن آوى ملكاً بالهند وموكب عسكري لقبعة بالغرب
هامش :
* المؤلف : سمير شيخاني ” يرحمه الله ” : مؤرخ وأديب لبناني (1923 -1996 م) رئيس الدائرة الثقافية في لبنان “إذاعة لبنان” له مئات الأبحاث والمقالات والتحقيقات المنشورة في كبريات الصحف اللبنانية مثل النهار والبيرق وغيرها ، وله 47 كتابا، ،
كاتب وكتاب
مقتطفات من كتاب (التاريخ الصغير ) ،لمؤلفه سمير شيخاني ، يقع في 266 صفحة حجم وسط ، طبعة عام (1403 هجرية – 1983م ) مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت ( قسم المكتبات الأهلية ) : مكتبة الوقف المهداة من ورثة ( الشيخ عبدالله الخضري -يرحمه الله ) .
تواصل مع تراثنا