الحلقة الثانية
ذكريات كويتية من حقبة الخمسينيات

تراثنا -التحرير :
تتسم المطبوعات المهداة لمكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، بالاخص التي تعني بتدوين سيرة كاتبها ، بإهمية خاصة بما توفره من معلومات دقيقة تكشف واقع الحقبة الزمنية والمؤثرات والمتغيرات التي دخلت على الحياة الاجتماعية عامة آنذاك.

من الاهداءات القيّمة للمكتبة ، كتاب (شريط حياة مهندس : مهني ، أكاديمي ، نقابي) لمؤلفه د. حسن عبدالعزيز عبدالله السند، وفيه يستعرض الكاتب شريط ذكرياته بتفاصيل دقيقة ، تكتفي تراثنا بانتقاء مقتطفات عامة ، بقصد توثيق الحياة الاجتماعية في كويت الخمسينيات وما بعدها، وتسليط الضوء على أسرها ورجالاتها وسكانها وطبيعة الحياة والحارات بالاجمال.
التبريد بالمراوح
يأخذنا الكاتب د .السند في رحلة زمنية إلى حقبة الخمسينيات ، وتعد عائلته الكريمة نموذجاً عملياً لبيت الاسرة الكويتية التقليدية ، فيتحدث عن غرفة والديه ، فيقول : غرفتنا صغيرة تضم الوالد والوالدة وأنا وأخي اسعد ، وهناك حمام صغير ، لصيق بالغرفة،وهو للاغتسال فقط ، وليس به ماء جار ،..
وأما عن كيفية تبريد هذه الغرفة في ظل غياب الكهرباء فيقول : كانت الغرف تبُرد بمروحة السقف ، ولم يكن يوجد أي مكيف للهواء في المنزل .
المبيت في السطوح

ويأخذنا السند من جديد إلى جانب آخر ، وهو المبيت ليلاً في ظل تلك الظروف الصعبة ، فيقول : اما المبيت في الصيف ، فقد كانت الأسرة جميعها تنام في السطح ، وفي الصباح ،تطوى جميع الفرش ، وتوضع في غرفة ، ثم تفرش مرة أخرى عند المغرب استعداداً للنوم ، وكنا نأخذ معنا إلى السطح وعاء فخاريا لماء الشرب (برمة) .
الراعي و المعيز

هذه الاجواء التقليدية في البيت الكويتي القديم ، يستكملها د .السند موضحاً الاكتفاء الغذائي للاسرة الكويتية أنذاك ، أذ لا يكاد يخلو بيت من حوش للدواب والدواجن ، وهنا يقول : كانت لدينا معزتان (سخلتان) لانتاج الحليب ، إذ لم يكن الحليب السائل ، أو الحليب المسحوق متوافرين في الأسواق .
ويمضي قائلاً : وكان الراعي (الشاوي) ياخذ المعزتين من قطيع معز الحارة (الفريج) ، صباحاً ،و يعود بهما بعد المغرب ، ويفتح الباب قبل وصول الراعي ، وتدخل كل معزة بيتها ، فهي تستدل على مكان إقامتها تلقائياً .
ثور وتيس البلدية

والطريف أن الحكومة في أيامها السالفة كانت لها طريقة لدعم اكتفاء الأسرة الكويتية بثروتها الحيوانية الذاتية ،أما كيف ؟ فهذا ما يجيب عليه د .السند : .. كما كانت المعيز تُؤخذ إلى مكان قريب من منزلنا ، خاص بالبلدية ، يوجد فيه ثور البلدية ، وتيس البلدية ، لتلقيح الحيوانات وهي خدمة تقدم الى المواطنين بالمجان ، لتتكاثر الحيوانات ويستمر إنتاجها الحليب !
سينما بيت الجيران !
أما عن الترفيه في كويت الخمسينيات ،فلم يكن للحكومة دور فيه، فهو يأخذ طابع التكاتف الاجتماعي بين الجيران ، فمن لديه شيء لا يمانع من مشاركة جيرانه به ، وها هو المؤلف يروى نموذج لهذه الصورة حيث يتناول دور صديقيه المجاورين لسكنه د . إبراهيم وعلى الشريدة ، فيقول : كنا نستمتع بمشاهدة الآفلام العربية في حوش منزلهما ، وكانت آلة العرض تُوضع فوق غطاء البركة ، وسط الحوش ، ويعرض الفيلم على الحائط ،ومن زملائنا في الفريج عبدالعزيز وياسر الجاسر ، وكان بيتهما قريب من بيت الوهيب .
طالع الحلقة الأولى :
أسرة السند الكويتية وحديث عن ذكريات الإيام الخوالي
يتبع لاحقا ..
* للتوسع في تفاصيل سيرة الكاتب وأسرة السند الكريمة مطالعة الكتاب .
كاتب وكتاب
انتقاءات مقتطفة من كتاب (شريط حياة مهندس : مهني ، أكاديمي ، نقابي) لمؤلفه د .حسن عبدالعزيز عبدالله السند، الطبعة الأولى 2025م ،يقع في 133 صفحة من الحجم الوسط ،النسخة مهداة من الكاتب إلى مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت .
تواصل مع تراثنا