الحلقة السادسة والأخيرة
انتقاءات من كتابات المؤرخ أحمد البشر

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) :

الفت الملابسات والأحدات في المنطقة ، اقليمياً ودولياً ، ظلالها على بداية نشأة الكويت ، والتهيئة لقيامها ، وفي السطور التالية ، نستكمل في حلقات ، ما دونه المؤرخ الكويتي أحمد البشر الرومي ، عن تاريخ الكويت ، موضحاً تلك الملابسات والظروف .
في الحلقة السادسة والأخيرة ، نستكمل النزاعات والتصفيات التي وقعت بين أبناء عريربن دجين اثر وفاته عام (١١٨٨هـ/ ١٧٧٤م ) وهو في طريقه مع تحالف قبلي كبير لغزو الدرعية عاصمة بن سعود ‘ إذ وافته المنية قبل أن يصل إليها .

المؤرخ البِشر
-
ابناء عريعر الثلاثة كان بينهم سوء تفاهم فلما توفى والدهم دبروا المؤامرات لبعضهم البعض إما شنقاً أو قتلاً بالسم !
-
أهل الأحساء ثاروا على سعدون بن عريعر وعلى من معه من بني خالد فطردوهم فاستجمع قواته ونكل بالثوار وسباهم .
-
دامت دولة بني عريعر قرناً وخمسة عشراً عاماً قاموا بعدها بمحاولات عدة لاسترجاع الأحساء نجحوا في بعضها بعض النجاح لم يدم طويلاً .
مؤامرات الأخوة
وتولى بعده ابنه (بطين) فرجع بجمعه إلى الأحساء، وكان بينه وبين أخويه (سعدون) و(دجين) أبناء عريعر سوء تفاهم فدبرا له مؤامرة واغتالاه خنقاً !
وتولى بعده (دجين) بن عريعر، فلم يلبث إلا مدة يسيرة حتى مات ، وقيل توفى مسموماً من قبل أخيه سعدون .
وتولى الأمر بعد دجين (سعدون بن عريعر)على الأحساء وملحقاتها ، وفي (عام 1189 هجري – 1775م)، ثار أهالي الأحساء على سعدون هذا ،وعلى من معه من بين خالد ن فطردوهم ، غير أن سعدون جمع قوة عظيمة من بني قومه ، فاحتل الأحساء ، ونكل بالثوار وسبى من سبى منهم .
أنقلابات وانشقاقات
وواجهت سعدون بن عريعر مشكلات كثيرة ، منها قوة آل سعود في الدرعية ، والثورات الداخلية في الأحساء والقطيف ، وانشقاق آل عريعر فيما بينهم ، ذلك لأن (المهاشير) وهم كما أسلفنا فخذ من قبيلة بني خالد ، أنشقت برئاسة (عبدالمحسن بن سرداح) و (دويحس بن عريعر) على سعدون .
ولما لم تكن للأثنين قوة كافية ، فقد استنجدوا ب (ثويني بن عبدالله ) أمير (المنتفق) بأن يمدهم بالعون ، فأمدهم بجيش هاجم به الأحساء ، وطرد منه سعدون الذي ذهب إلى عدوه القديم عبدالعزيز بن محمد بن سعود ، فأكرم وفادته ،ومما يذكر عن سعدون أنه كان كريماً مضيافاً ، مدحه كثير من الشعراء ، واطنبوا في تعداد فضائله (1) ،وتولى الأحساء بعد ذلك (عبدالمحسن بن سرداح) باسم ( دويحس ابن عريعر) .
زوال دولة بني عريعر

وراي سعود بن محمد أن بقاء الأحساء بيد آل عريعر (آل حميد) فيه خطر عليه ، ولا سيما أنهم أصبحوا حلفاء ل (المنتفق) الذي هم أشد عداوة وخطراً ، فجهز عام (1204هجري – 1789م ) جيشاً من الدرعية ، سار به إلى الأحساء وبصحبته (زيد بن عريعر) ، ومن انضم إلى سعود من بني خالد ، فالتقي ببني خالد يقودهم عبدالمحسن بن سرداح قرب الأحساء ،واشتبك الفريقان في قتال عنيف دام ثلاثة أيام ، فانهزم عبدالمحسن ، واحتل سعود بن محمد الأحساء ،وولى أمرها (زيد بن عريعر) ، فالتف حوله بنو خالد .
وفي (عام 1206 هجري – 1719م) ، سار سعود إلى القطيف و(سيهات) والقرى المجاورة لها فاحتلها ، وبقيت القطيف والأحساء تحت أمرة زيد بن عريعر وتابعة لسعود بن محمد.

غير أن الأحساء في عيد زيد بن عريعر سادت فيها الفوضي ، وتعددت ثورات الأهالي ضده ، مما اضطره إلى الهرب منها عام (1208 هجري – 1793م ) إلى الشمال ، حيث قومه بنو خالد ،وبقيت الأحساء والقطيف من دون أمير ، فخشي الأهالي عاقبة فعلهم من سعود بن محمد ، فأرسلوا من يأخذ لهم منه الأمان ، فأعطاهم عهده ، وبذلك زات دولة (آل حميد ) أو ( آل عريعر) ،وقام أديب من أدباء القطيف ليضيف إلى البيتين السابقين في ابتداء تاريخ دولتهم بيتاً في تاريخ زوالها ، صادف طباقاً حسنا إذ قال :
وتاريخ الزوال أتى طباقاً
(وغار) إذ انتهى الأجل المسمى
وإذن ..فدولة (آل عريعر) أو ( آل حميد ) بدأت (عام 1083 هجري – 1672م ) وانتهت عام (1208 هجري – 1793م) ، أي أنها دامت قرناً وخمسة عشراً عاماً ، ولم ييأس آل عريعر من استرجاع الأحساء ، فقاموا بعد ذلك بمحاولات عدة نجحوا في بعضها بعض النجاح ، ولكن هذا النجاح لم يدم طويلاً .
وعند هذا نكون قد أتيناعلى تاريخ هذه الدولة التي يرتبط أسم امرائها بتايخنا القديم ، وعرفنا الصلة بين هذا الذي يتداوله العامة عندنا حين يخوضون في الحديث عن نشأة الكويت الأولى وبين حقائق التاريخ الواقعة (2).
الأديب المؤرخ أحمد البشر (يرحمه الله)
هوامش :
1- وللشيخ منيع قصيدة نبطية يمدح بها سعدون بن عريعر نشرتها مجلة المقتطف (ج 1 ، جلد 58 / 31 من يناير 1921م، مطلعها :
طرق المعالي صعب إسنودها
كايد على عزم الدناوي صمودها
شراها بغالي المالي والوح والشقا
وصير على مر الليالي وكودها
فلولا غلاها سامها كل مفلس
ولولا غناها كان كل يرودها
2- المصدر : مجلة الرائد : 1 / 25 عام 25 – 1953م ، إصدار مصور عنها (مركز البحوث والدراسات الكويتية)، ومرجع آخر : مقالات عن الكويت .أحمد البشر ص 13 ، 1966م ، مكتبة الأمل الكويت .
طالع الحلقة الخامسة :
عريعر وحلفائه يغيرون على بن سعود وبن عبدالوهاب
(*) رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
نقلا عن تراثنا – العدد 77
تواصل مع تراثنا