• Post published:الثلاثاء 14 ذو الحجة 1446هـ 10-6-2025م

 

 

الحلقة الثانية

المخطوطات العربية والإسلامية في العالم

 

مكتبة الإسكوريال الاسبانية
مكتبة الإسكوريال الاسبانية

 

تراثنا – حسني عبد الحافظ :

 

في إسبانية ، ,وعلى مسافة خمسين كيلومتراً إلى الشمال الغربي من عاصمتها المركزية (مدريد)  قطعتها السيارة التي أقلتنا في نحو ثلثي الساعة ، يقع مبنى الإسكوريال العتيق الضخم ، الذي يضم بين جنباته أحد أهم المكتبات التراثية العربية في العالم .

 

 

أ . حسني عبدالحافظ
حسني عبد الحافظ

 

نستكمل في الحلقة الثانية ، استعراض ما قام به الملك فيليب الثالث من جهود لجمع نوادر المخطوطات العربية ، وايداعها في مكتبة الإسكوريال ، وتحكي لنا الأحداث التالية ، الكيفية التي استحوذ بها على مكتبة السلطان زيدان السعدي سلطان المغرب بدون جهد !

 

 

 السطو على المكتبة الزيدانية 

 

مكتبة في المغرب
مكتبة في المغرب

ومن بين أهم المخطوطات والمقتنيات التي أودعت المكتبة العربية في الأسكوريال ، ما يُعرف بالمجموعة “ الزيدانية “، وقد تم الاستيلاء على هذه المجموعة الضخمة ضمن عملية ” قرصنة بحرية ” ، قامت بها أربع سفن اسبانية ، ولأهمية هذا الحدي نوجزه في الآتي :

 

كان السلطان زيدان بن أحمد المنصور السعدي ، الذي بويع للسلطنة في مراكش ، بعد وفاة والده ، قد نازعه إخوانه على الحكم ، وبدأت الاضطرابات والفتن تسود ، وتتصاعد حدتها في المعمورة المغربية ، حتى وصلت إلى المقر السلطاني في مراكش .

 

واضطر السلطان زيدان أن يرحل حاملاً معه أمتعته وخزانة كتبه التي كان يعتز بها كثيراً ،باتجاه ميناء آسفير ، وفي الميناء وجد سفينة القنصل الفرنسي ، جان فيليب دي كاستيلو ، تكاد تغادر متجهة إلى مارسيليا ، فأودع السفينة ما كان في حوزته ، بعد أن اتفق مع القنصل على أن يوصلها إليه إلى ميناء أغادير ، مقابل ثلاثة آلاف درهم ذهبي .

 

 

 

ولكن تشاء أقدار الله أن رياحاً مما لا تشتهيها السفن قد هبت ، وصارت السفينة باتجاه مدينة سلا ، وقبل أن تصلها ، تعرضت لها أربع سفن اسبانية ، واستولت عليها ظناً بأنها تحتوي على صناديق مملوءة بالذهب ،ولما فتح القراصنة الاسبان هذه الصناديق ،ولم يجدوا سوى الكتب ، كادوا يلقونها في البحر ، لولا أن أحدهم كان يدرك أن الملك الاسباني يكافئ من يُقدم له كتباً نادرة .

 

وبالفعل تم نقل صناديق الكتب هذه الى بلنسية عام  (1021 هجري – 1612م) ، وأمر الملك فيليب الثالث بإيداعها في الاسكوريال ، وقد أحصى ما يزيد على ثلاثة آلاف مخطوط في هذه الصناديق عدا المقتنيات والتحف النفيسة.. ورغم المحاولات المغربية ، ولسنوات طويلة ، إعادة هذه الكنوز التراثية ، لكنها باءت بالإخفاق .

 

 الحريق الكبير

 

الملك فيليب الثالث ملك اسبانية
الملك فيليب الثالث ملك اسبانية

 

وتشير المصادر التاريخية التي بين يدينا ، إلى أن عدد المخطوطات العربية في الإسكوريال قد وصل – بعد الاستيلاء على الخزانة الزيدانية – إلى نحو عشرة آلاف مخطوط .. لكن حريقاً كبيراً شب في مبنى الاسكوريال عام “1671م ” ، وامتد الى المكتبة ، فأتلفت معظم المخطوطات العربية ، كما أن عددا مما تبقى تُقدره بعض المصادر بعشرين مخطوطاً ونحو “1600” من الكتب المطبوعة قد اختفى من المكتبة خلال حملات نابليون العسكرية على اسبانية في مطلع القرن التاسع عشر.

 

ويشير المستعرب الاسباني برادليو خوستيل الذي شغل منصب مدير مكتبة الاسكوريال في سبعينيات القرن العشرين ، أن ما نجا من الحريق والسرقات التي تمت في عهد حملة نابليون ،و مازالت مكتبة الإسكوريال تحتفظ به إلى الآن هو : خمسة وأربعون ألفاً من الكتب المطبوعة ، وخمسة آلاف مخطوط ، ومن بينها “1870” من المخطوطات العربية ، ونحو “1400” مخطوط باللغة اللاتينية ،ونحو”800″ مخطوط باللغة الاسبانية .

 

طالع الحلقة الأولى :

 

مكتبة الإسكوريال تنقذ 2000 مخطوط عربي من الحرق

 

 

يتبع لاحقاً ..

 

 

 

نقلاً عن مجلة تراثنا – العدد23

انقر للمطالعة

 

 

غلاف مجلة تراثنا ،العدد 23 صدر بتاريخ ( صفر 1423هـ - ابريل - مايو 2002)

 

 

 

تواصل مع تراثنا

 

اترك تعليقاً