• Post published:01/03/2020

خماسيات (الحلقة 3)

مع الباحث الإعلامي منصور الهاجري

 

مقهى شعبي في مدينة الكويت القديمة
مقهى شعبي في مدينة الكويت القديمة

 

تراثنا – التحرير :

 

تستضيف تراثنا الكاتب والباحث في التراث الكويتي منصور الهاجري ، متحدثاً في كل حلقة عن فريد ما لقاه وسمعه وحدث معه في لقاءاته مع ضيوفه ، وذلك في خماسيات ( 5 حلقات ) تلقي الضوء على اربع شخصيات انتقاها من ذاكرته ومشواره الإعلامي الطويل .

 

الكاتب والباحث التراثي منصور الهاجري

الباحث الهاجري 

  • كان الدخيل فتى وحيد فقير قدم إلى الكويت خالي الوفاض ففُتحت له أبواب الرزق من حيث لا يحتسب.

  • عمل (حمّاراً) يبيع الماء يلتمس رزقه في مقهى بالدهلة فأحضر له دلال صفقة عقار تلتها صفقات حتى أصبح تاجر عقار !

  • تمت صفقة بينه والفليج فنسي سدادها وتأخر ، وعندما ذُكر بها دفع سعرها وفوقه فارق ارتفاع القيمة وبسخاء منه !

 

بيع الماء في قراب جلدية تحمل ويدار بها على البيوت والحوانيت
بيع الماء في قراب جلدية تحمل ويدار بها على البيوت والحوانيت

يروي الباحث الاعلامي منصور الهاجري كيف ساق الله الخير إلى فتى بسيط لا يملك شروى نقير كما يقولون ، فمَن الله عليه ، واصبح من اصاحب الحلال ..بصدقه واستقامته على الحق .

 

فتى وحيد

يقول الهاجري التقيت به في لقاء لتوثيق مسيرته ، فحكى لي علي الدخيل تاريخ قدومه إلى الكويت من الرياض مع عمته اخت والده ، في حقبة عم فيها الفقر والفاقة جزيرة العرب .

 

كان فتى وحيد ، في بلد لا يوجد له فيها صلة رحم او صديق حميم سوى عمته ، التي اكرمها الله بالزواج من مواطن كويتي ، فكان ذلك الزواج مدخلاً لباب لم يتوقعه من الخير .

 

بدء الطريق

اقدم زوج عمته بعد أن رأف بحاله وضعفه، على شراء جحش ( أجلكم الله ) ليعمل عليه الفتى ويسترزق ، محملاً بثلاث قرب لنقل الماء للبيوت والحوانيت وغيره ، وهي ما تعارف عليه في الكويت قديما بوظيفة ( حَمّار ) .

 

أول شروة

وكان الفتى لماحاً ذكياَ ، فكان بعد أن يساهم فيما افاء الله عليه من قروش معدودات في حاجات البيت ، يوفر ما تبقى لديه ، لقابل الأيام .

 

اعتاد الفتى الجلوس ، كعادة الحرفيين ، في أحد مقاهي الدهلة ، ترقباً لمن يطلب خدمته من المارة والزبائن ، وجاءت اقدار الله أن يأتي ذلك اليوم ، فإذا به يستمع إلى احد الدلالين ممن يرتادون المقهى يتحدث عن بيت معروض للبيع عنده بقيمة 200 روبية !

 

ولاحت الفكرة للفتى ، فهو يمتلك من القروش التي جمعها ما يغطي هذا المبلغ ، فذهب الدخيل إليه ، وعرض عليه شراءه ، فتمت صفقة البيع ، فكانت أول عملية ( شروة ) له ، وأول بيت يمتلكه ، فترك بيع الماء ومهنة الحمارة .

 

ويتكرر المشهد

وتأتي الأقدار الربانية من جديد ، ليأتي ذلك الدلال بعد شهر إلى نفس المقهى ، عارضاً على الفتى الدخيل شراء نفس البيت الذي باعه له ، ولكن بسعر أعلى …500 روبية !وتكرر المشهد للمرة الثالثة مع الدلال نفسه ، وتم بيع البيت للمرة الثالثة ، ولكن هذه المرة بألف روبية .. وتمت الصفقة .

 

نقل الماء في الكويت على ظهور الحمير في الماضي
نقل الماء في الكويت على ظهور الحمير في الماضي

من الحمّارة إلى العقار

جاء ذلك في حقبة بدأت تنقشع فيها صعوبة الحياة وشظف المعيشة ، وأخذت نسائم الخير والنهضة النفطية تهب على البلاد ، وكان للشاب الدخيل نصيب منها كبقية المواطنين ، فأصبح تاجراً للعقار ، وأضاف إليه مهنة بيع المواد الغذائية ، ليتوسع نشاطه و رزقه ويزداد خيره ، بفضل من الله ومنته عليه .

 

تساؤلات

ولكن ما سبب هذه النعم التي جرها الله بكرمه على هذا الشاب ، فكتب له القبول وتسخير الناس له ؟ وماذا يخفي هذا الشاب في نفسه ولم يطلع عليه الناس ليستحق ذلك ؟

 

قصة الخياش العشرة

هذه التساؤلات قد تجيب عنها هذه الحادثة التي وقعت بينه وبين التاجر يوسف الفليج ، إذ اقدم علي الدخيل في احد الأيام على شراء 10 خياش ( اكياس من ليف ) تحوي  الارز من التاجر يوسف الفليج ، واتفق معه على ان يحضر له المال للسداد .

 

وبينما كان الدخيل يقطع الطريق ماراً بالصفاة ، إذ به يلمح لوري ( سيارة نقل ركاب كبيرة ) يتجمع حولها الناس للانطلاق إلى السعودية ، فقرر ان يشتري أغراض من السوق ويلتحق بها ، ونسى تماماً اتفاقه مع الفليج !

 

وبعد مرور نحو ثلاث اشهر ، رجع الدخيل إلى الكويت ، وعاود عمله التجاري المعتاد ، وإذ به يلتقي بالفليج الذي اعاد تذكيره ببيعة الأرز التي لم يدفع ثمنها ، وهي محجوزة له منذ ذلك الحين ، واحضر له ما يثبت ذلك ، مقيداً في الدفتر .

 

موقف صادق

وهنا.. ما كان من علي الدخيل امام هذا الموقف ، إلا ان تعامل بنخوة وطيب معدن وسخاء ، حيث اصر على دفع قيمة الرز الفعلية في الاتفاق ، مضافاً إليها فارق ارتفاع قيمة السعر الذي وصلت إليه بعد مرور ثلاث شهور .. فبلغت 1000 روبية ” يرحمهم الله جميعا ”  !

 

البركة

هناك اسرار للبركة في الرزق ، لا تنكشف امام الناس ، قد لا يكون للشطارة فيها دخل كبير ، لا يعلمها إلإ المقربون من الشخص ، ممن رصدوا تعاملاته التي فيها مراقبة لله في كل صغيرة وكبيرة (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) الآية ..والوقائع التاريخية فيها من القصص اكثر من ان تحصى .

 

اقرا : الحلقة السابقة ( الثانية )

تواصل مع تراثنا

 

 

 

 , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , 

 

اترك تعليقاً