• Post published:23/01/2021

بقية من أهل العلم (الحلقة الأولى )

العلامة المتجدد الذي رفض الجمود وتنقل بين البلدان بحثا عن العلم والتعلم 

الكويت في عشرينيات القرن العشرين
الكويت في عشرينيات القرن العشرين  ( صورة

تراثنا – التحرير *:

المؤرخ الشيخ عبدالعزيز الرشيد.. من الشخصيات التي لمعت في سماء الكويت ، وأصبح  أسمه رديفاً  لكتابه الشهير المثير للجدل ” تاريخ الكويت ” الذي ألفه عام 1926 م ، وله رحلات عدة في طلب العلم ، ودرس الفقه الحنبلي على يد مشايخ أجلاء ، كما له كان انفتاح واسع على الثقافات بحكم كثرة سفراته، فتنوعت مؤلفاته الإصلاحية زنشراته الداعية إلى نبذ الخرافة والبدع والجمود ، المنضبطة بقواعد الشريعة وعقيدتها الإسلامية .

المؤرخ عبدالعزيز الرشيد - يرحمه الله
المؤرخ عبدالعزيز الرشيد – يرحمه الله

المؤرخ الرشيد

  • أحب القصص الخرافية فكانت مدخله للتولع بعلوم الفقه والعقائد ففر إلى الزبير في غياب والده وتتلمذ فيها على يد بن عوجان .

  • قصد الأحساء ودرس على مشايخها ثم إلى بغداد وقرأ نبذة عن ألفية بن مالك على يد محمود شكري الألوسي ثم أخوه بعد وفاته .

  • رحل إلى مصر ثم مكة المكرمة واستقر في المدينة وسعى الحنابلة إلى اسناد وظيفة الحنبلية إليه ،وعُين مدرساً في الحرم .

  • جال في بلاد كثيرة منها البحرين وبغداد والأحساء ودارين ونجد وهنديان وجاوة ، وفي جاوة أدركته المنية بعيداً عن وطنه .

مولده ونشأته:
هو الشيخ عبدالعزيز أحمد الرشيد البداح ” يرحمه الله ” ، وُلد في الكويت سنة ١٣٠٥هـ/ ١٨٨٧م ، فلما أتم الثامنة من عمره أدخله والده الكتاّب ، فتعلم القرآن الكريم والخط ومبادئ الحساب ، ولما ترك المكتب تعاطى التجارة مع أبيه، وكان إذ ذاك من تجار الكويت المعدودين ” يرحمه الله ” ، ويشتغل بتجارة الصوف وجلد البهم (الغوزي) فزاول البيع والشراء مدة وهو لا يفكر بالعلم ، لأنه لم يتذوق حلاوته  ، لكنه أحب قراءة القصص الخرافية كقصة حسن الصائغ وغيرها.

الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان
عبدالله بن خلف الدحيان

ثم زاد هذا الولع حتى تحول إلى علاقة شديدة بالعلم ، فدرس الفقه والعلوم العربية والعقائد على الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان” يرحمه الله ” ، ولكنه وقد اشتد شغفه بالعلم نشأت في رأسه فكرة الرحلة في طلبه ، لكن أباه قاوم فكرة ابنه وحال دون بلوغه أمنيته، وللأب عذره في هذه المعاملة القاسية، لما كان يشاهده على طلاب العلم في الكويت من الزراية والفاقة، غير أن الجوى لا يعرف الحدود ، فإذا طفح به القلب تدله به صاحبه ، لذلك ضرب الولد بنصائح والده في الكف عن طلب العلم ، ودبر وسيلة للسفر لانتجاع الآداب والعلوم .

رحلاته في طلب العلم
انتهز الشاب النابه فرصة غياب والده عن البلد، فرحل لأول مرة طلباً للعلم إلى الزبير (من أعمال البصرة) وتردد عليها مرراً ، وقرأ في أثنائها الفقه والفرائض والنحو ، وأجل عالم أخذ عنه في مدارسها هو المرحوم محمد بن عوجان” يرحمه الله “.

الأحساء قديما
الأحساء قديماً

ثم قصد الاحساء ، وهناك قرأ على بعض الشيوخ شرح ألفية ابن مالك ورسالة في التصوف ، ولكنه لم يجد في الزبير والاحساء ضالته، فقصد بغداد سنة ١٣٢٩هـ/ ١٩١١م  ،وفي بغداد قرأ على المرحوم محمود شكري الآلوسي” يرحمه الله نبذة من شرح السيوطي على ألفية ابن مالك ، وأكمل هذا الشرح على أخيه المرحوم السيد علي علاء الدين الآلوسي.

الشيخ محمود شكري الألوسي- يرحمه الله
محمود الألوسي

مصر ومكة والمدينة 

ويظهر أن بغداد لم تشبع شهوته الذهنية، فرحل إلى مصر ، آملا دخول دار الدعوة والارشاد، التي أسسها السيد رضا صاحب المنار ” يرحمه الله ” ، لكن الظروف لم تتهيأ له لدخولها، فبقي في مصر نحو اسبوع، ثم غادرها لزيارة البلاد المقدسة، ولم يمكث في مكة مدة طويلة ، إذ بارحها بعد موسم الحج سنة ١٣٣١هـ/ ١٩١٢م ، وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ألقى عصا تسياره وظل فيها نحو عشرة أشهر، فأكمل حفظ وقراءة ونقد ألفيه العراقي في مصطلح الحديث، ونظم الجوامع للسيوطي، وعقد الجمان للسيوطي كذلك.

مدرس في الحرم الشريف 

ولما كان المترجم عنه حنبلي المذهب، فقد رغب الحنابلة في المدينة إسناد الوظيفة الحنبلية إليه ، وسعوا في الأمر لدى القاضي والمفتي لكنهم لم يفلحوا، لوجود منافس له من أهل المدينة نفسها، ثم عُين مدرساً في الحرم الشريف ، لكن

المدينة المنورة قديما
المدينة المنورة قديما

المفتي علق الإذن له في التدريس على نيل شهادة من بعض علماء الحرم ، فلم يتردد هؤلاء بالشهادة له بالفضل والقدرة ، ودام تدريسه شهرين، ثم سافر إلى مكة، وهناك زاد حنينه إلى مسقط رأسه الكويت.

رحلات عدة 

وقد قام كذلك برحلات أخرى إلى بلاد كثيرة منها البحرين وبغداد والأحساء ودارين ونجد وهنديان وجاوة ، وفي جاوة أدركته المنية بعيداً عن وطنه.

وشوقه إلى العلم لم يمنعه من أن ينصرف إلى بعض ما تتطلبه الحياة، فتزوج سنة ١٣٢١هـ/ ١٩٠٣م وأنجب من البنين ثلاثة ومن البنات اثنتين.

-استمدت معلومات هذه الترجمة، من مقالين نشرهما الأديب العراقي روفائيل بطي في مجلة «منيرفا» ببيروت، على اثر صدور تاريخ الكويت. وقد أضيفت إليها حوادث مستجدة.

مجلة تراثنا عدد 76 ديسمير - يناير 2021
مجلة تراثنا عدد 76 ديسمير – يناير 2021

 

الدراسة منتقاة من مجلة تراثنا العدد 76 الصادر لشهري ديسمبر / يناير 2021 م .

*دراسة اعدها د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .

يتبع لاحقا  الجزء الثاني والأخير ..

الصور : ( الثقافة العربية ) ، (  المواطن ) ، ( الخليج )

اترك تعليقاً