• Post published:07/07/2018

 

مكتبة الاسكندرية
مكتبة الاسكندرية

للدكتورة رضوى زكي والصادر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة «حكايات مصر»، هو رحلة تاريخية مختصرة في مكتبة الإسكندرية والمدارس الثقافية منذ نشأتها وحتى عصور اندثارها في مصر وانتقالها إلى بغداد.

«إذا لم تصحبني معك إلى الإسكندرية فلن أكتب لك ولن أكلمك بعد إذن أبداً، ولن أحييك بما اعتدت أن أحييك به كل يوم». تلك الكلمات جاءت في طيات رسالة بعث بها أحد الأبناء إلى أبيه وردت في بردية من برديات البهنسا، تكشف حلم كل من يوَد زيارة مدينة الإسكندر الأكبر ومكتبتها. هذه المدينة التي كانت العاصمة الإدارية لمصر إبان العصر البطلمي والروماني وأهم مراكز التجارة القديمة في دول البحر المتوسط.

وما يميز الإسكندرية قديماً هو أنها مدينة العلوم ومكتبتها التي اختلف البعض حول مؤسسها؛ هل هو بطليموس الأول سوتر أم بطلميوس الثاني فيلادلفيوس، ولكن يجمع الكل على أن فكرة المكتبة والمتحف

أجياء علوم ألإسكندرية من اليونانية إلى العربية
أجياء علوم ألإسكندرية من اليونانية إلى العربية

نفسها كانت لديمتريوس ألفاليري، كما رواها الباحث ألكسندر بارسونز والذي أكد أيضاً أن ألفاليري كانت علاقته بالملكين قوية ومتواصلة لمعاصرته لهما. ومن المؤكد أيضاً أن المكتبة الحالية لا علاقة لها بمكان المكتبة القديمة التي على حسب قول الباحث برشيبا الذي لجأ إلى الخرائط التي وضعها الباحث البوطي وحدّد مكانها ما بين شوارع ثلاثة هي النبي دانيال وشريف باشا وسيزوستريس؛ أي ما بين منطقة الكورنيش والميناء الشرقي بنحو نصف كيلو متر.

ولا شك في أن اهتمام ملوك البطالمة بفرض السيادة الثقافية كان واضحاً من خلال تأسيس المكتبة و «الموسيون»، وكانت هناك الإعفاءات للزائرين وطالبي العلم والباحثين والعلماء وعدم النظر إلى الديانة وتوفير الإقامة أو الطعام المجاني أو الإعفاء من الضرائب، وحرص البطالمة على توفير كل ما هو ثمين من النسخ خارج مصر وعمل نسخة منها لمكتبة الإسكندرية واشترطوا على الباحثين تأليف نسخة من أعمالهم خاصة للمكتبة. وهناك فرق أيضاً ما بين «الموسيون» المشتق من «الموساي»، أي ربات الفنون والعلوم السبع، والمكتبات. والمعروف أن «الموسيون» اشتقت منها كلمة museum، وتم إطلاق كلمة «الموسيون» على مدرسة الإسكندرية القديمة. ومن هنا تشعبت الحياة العلمية في الإسكندرية القديمة وكانت لمدرسة الإسكندرية هيئة مستقلة تتمتع بملكية عامة والتمويل كلياً من قبل الدولة وإن تغير الوضع قليلاً في العصر الروماني كما ورد في بردية 2471 من البرديات التى عثر عليها بمدينة البهنسا والمؤرخة بعام 50 ميلادية والتي تؤكد أن عضوية «الموسيون» في العصر الروماني كانت تمثل نوعاً من التقدير الذي تمنحه الحكومة الرومانية.

ومكتبة الإسكندرية شملت الكثير من الكتب التى جمعها ملوك البطالمة بهدف جعل المكتبة هي المصدر الوحيد والرئيس لتراث الفكر الإنساني وكانت أعداد الكتب ضخمة تستعصي على الحصر وقتها وإن قال البعض إنها وصلت إلى 40 ألف كتاب (المؤرخ أوروسيوس). وكانت طرق جمع الكتب تقوم على الاستعارة أو الشراء، والمصادرة والإهداء والإيداع. ولكن أين ذهبت تلك الكتب؟ ولماذا تدهورت مكتبة الإسكندرية؟ هناك من يرى أن المكتبة لم تندثر دفعة واحدة، وإنما حدث ذلك على مراحل، منها حرب الإسكندرية 48 قبل الميلاد وغزو الإسكندرية على يد الإمبراطور أورليان 273 ميلادية وتدمير معبد السرابيوم على يد الأسقف ثيوفيلوس 391 ميلادية وفتح مصر على يد عمرو بن العاص 642 ميلادية.

ويتدفق الكتاب في البحث عن المآثر العلمية والطب والرياضية والفلكية والفلسفية والعلوم التطبيقية والآداب والفنون والترجمة والهوية المصرية ما بين اليونانية والعربية ومظاهر الاتصال الثقافي والفكري بين مصر واليونان. كما تعرضت الدكتورة رضوى زكي للمقارنة السريعة بين حال مكتبة الإسكندرية قبل وبعد انتقال الثقافة إلى بغداد على يد العباسيين.

جاء الكتاب في خمسة فصول، أولها يلقي الضوء على موضع الحركة العلمية من منظور تاريخي والثاني يتناول مآئر مدرسة الإسكندرية والثالت يتناول متابعة لتلك المآثر على مختلف المستويات والرابع يتناول هوية مصر والخامس يعالج انتقال الحركة العلمية عبر الترجمة من الإسكندرية إلى بغداد، وربما كانت هناك فرصة كبيرة لعمل كتاب ضخم بعيداً من تلك الإشارات السريعة في العبور عبر التاريخ الكبير إلى مدينة الإسكندرية وإلى مدارسها ومكتبتها العظيمة.

(الحياة)

 

 أضغط هنا :تابعنا على الموقع الالكتروني 

إضغط هنا :سجل بريدك الألكتروني لتصلك المقالات مباشرة

اترك تعليقاً