• Post published:14/06/2018

أعلام ومفكرين

شخصيات من تاريخ الأدب العربي 

 

عصا توفيق الحكيم
عصا  الذكريات وتوفيق الحكيم

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) :

 

زرت في عام (1987م) دار الكتب المصرية (القومية) وذلك للالتقاء بمدير الدار والاتفاق على تصوير بعض المخطوطات المحفوظة لديهم وفتح باب التعاون والإهداء فيما بيننا .

 

  • توفيق الحكيم يرفض استبدال عصاه المشهورة التي لا تزيد عن 30 قرشا مقابل خمسمئة جنيه .

  • الحكيم”عن العروض المالية لعصاه “:مجموعة أوراق توضع في البنك ولن أراها ..لا صلة لي بها ولن تثمر صلتي بها.

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد الشيباني

وكان فاتحة هذا اللقاء اهداؤهم مجموعة من الأفلام الخام (الميكروفيلم) وغيرها من الهدايا وعلى الطريق زيارة الدار والاطلاع على أنشطتها ومنها مكتبات العلماء والأدباء والأطباء والشعراء وغيرهم من الذين مروا في تاريخ مصر القديم والحديث وكان لي ذلك فوجدت من الثروة العلمية مالا يقدر العلماء والأدباء على إحصائه أو الاشتغال به سنين لكثرته وضخامته وعدده .

 

 وكان أن زرت ركن الأديب الكبير توفيق الحكيم  ، حيث مقتنياته المتنوعة التي كان من ضمنها عصاه المشهورة التي دار حولها الجدل من معاصريه وأقرانه وطلابه ومحبيه ، بل والمجتمع المصري والعربي آنذاك قاطبة ، مع أن ثمنها زهيد كما قال الحكيم نفسه :” إن ثمنها زهيد لا يزيد عن ثلاثين قرشاً، وقد رفضت أن أستبدلها بهدايا من عصي يزيد ثمنها على عشرة جنيهات ، لأنها لازمتني خمسة وعشرين عاماً .. إنها تحمل معي كل هذه الذكريات “.

 

كتب توفيق الحكيم
كتب توفيق الحكيم

 

ودخلت العصا في المزاد فعرضت عليه إحدى المجلات أن يبيعها بعشرين جنيهاً ! فارتفعت العصا إلى خمسمئة جنيه ! فحذره بعض المحبين من الرفض ووصف الخمسمئة جنيه كل مئة في ورقة وأن منظر الخمس ورقات من ذات المئة جنيه تحمل الدفء والسعادة إلى جيبه وقلبه .. ولكنه قال : لا .. فهذه الخمسمئة جنيه التي تعرضها لا تحمل أي معنى , سوى أنها مجموعة ورق لاصلة لي بها ..ولن تثمر صلتي بها ! ثم قال : إن هذه الورقات ستوضع في البنك ولن أراها بعد ذلك .

 

كلمات جميلة رائعة ذات مغاز كثيرة ينبه فيها الحكيم على خزنة المال في البنوك وغيرها حيث إنهم لا يرون من أموالهم إلا الأوراق التي تحكي تطور وارتفاع وازدياد أموالهم .

 

دار الكتب المصرية
دار الكتب المصرية

ولكنهم لا يرونها وليس لها نصيب في حياتهم ، يتمتعون بها ويمتعون من حولهم من أولاد وحفدة وبنين وبنات وقرابة وفقراء في أعمال الزكاة والصدقة وأعمال الخير وخدمة المجتمع والناس أجمعين حتى يكون لها أثرها الاجتماعي والديني .

هذه الكلمات عن العصا أردت أن ألفت فيها النظر إلى هذا الكاتب المجيد الذي يرسم كما قيل أبطال قصصه من واقع الحياة , ويحلل نفوسهم بمبضع الجراح الفنان .

 

والله المستعان..

(*) رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا.

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً