• Post published:11/05/2021

من دفتر الذكريات 

تشذيب سعف النخل
تشذيب سعف النخل

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

د محمد بن إبراهيم الشيباني
د محمد  الشيباني

شاهدت في الطريق عمال هيئة الزراعة ، وهم يكربون ” يشذبون ”  النخل ، ويقطعون سعفه ، وقد تكوم من السعف الجاف الشيء الكثير ،فقلت الله أكبر هكذا يُرمي ؟ وقد كان يوم من الأيام وقودنا في كويت الماضي ، الذي يشتريه المواطنون من الفرضة ، التي تجلب إليها البضائع من البصرة وإيران وغيرهما .

  • كان سعف النخل يُخزن في أحواش البيوت واقفاً مسنداً إلى الحائط ، وكلما احتاجوا منه ، استلوا منه جريدة .

  • ” يا شين السعف على البعارين ” من الأمثال الكويتية الرائجة  التي ضُربت للمفارقة بين خفة السعف وطول قامة البعير .

 

هذا كان بوتغاز ( موقد الطبخ ) السكان آنذاك ، يُطبخ عليه ، وكانت البيوت تشتري الحزم الكبيرة منه ، وتخزنه في الأحواش واقفاً ، مسنداً إلى الحائط ، وكلما احتاجوا سلوا جريدة منه ، وهكذا حتى ينتهي .

 

أما وقود أهل البادية ، فهو العرفج ، وكان يُنقل من البادية إلى ساحة الصفاة ، داخل الكويت ، ويُحمل على الجمال للاستخدام في الرحلات الطويلة ، داخل الكويت وخارجها ، كما كان يستخدمه المعتمدون البريطانيون في الكويت في رحلاتهم الطويلة ، مثلما استخدمه المعتمد البريطاني هاملتون عام 1917 م ، في رحلته الشهيرة إلى الرياض والقصيم في المملكة العربية السعودية .

النخلة قامة شامخة في السماء
النخلة قامة شامخة في السماء

يقول المؤرخ حمد السعيدان (2/739 ) السعف هو جريد النخل مع الخوص ، قيل للعود أنه جريد ، وقيل للورق خوص ، وعندما يجف السعف يتُخذ وقوداً ، أو يُجلب مجففاً بواسطة السفن من البصرة ، ويسميه البدو والقريوين ، عسيباً ، الجمع عسبان ، وهي تسمية عربية فصيحة .

 

ومن الأقوال الكويتية ” يا شين السعف على البعارين ” لأن السعف خفيف أولاً ، ولأن للجمل قامة طويلة ثانياً ، والسعف جمع سفعة ، وفي السعفة أربع مواد : خوص وشوك وكافود وكرب .

 

لخوص النخل استخدامات منها صنع السلال وغيرها
لخوص النخل استخدامات منها صنع السلال وغيرها

لقد حبانا الله تعالى بنعم كثيرة ، ووسع علينا في الرزق ، وادخل علينا الكثير من المرفهات ، التي لم تكن موجودة عند كثير منا في الأربعينيات والخمسينيات ، بل لم يرها أجدادنا ، بل كثير من الشعوب العربية والإسلامية يستخدم السعف وقوداً ، ويعيش اليوم مثل تلك الحقب التي عشناها .

 

وذلك لأسباب الفقر ، أو تسلط الزعماء الطغاة على المال وحرمان شعوبهم منها ، لقد اعادتني السعفة إلى تلك الإيام التي لا يمكن أن تُنسى أو تُمحى من الذاكرة ، مهما تقادمت الأيام وتغيرت أحوال معايشنا ، فالذي ليس له أول ، ليس له تالٍ .

 

والله المستعان .

 

* رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق 

              ومجلة تراثنا 

 

-نُشر في الزميلة القبس في 4 من يونيو عام 2011 م .

 

تواصل مع تراثنا 

اترك تعليقاً