• Post published:31/07/2018

من ادب الرحلات 

 في حقبة زمنية شح فيها المال ولكن صدقت النوايا والتعريف بالكويت

حول العالم في الستينيات بثلاثمئة دينار
حول العالم في الستينيات بثلاثمئة دينار

تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

في صيف عام 1964م وبعد الاستقلال ( استقلال الكويت) بثلاث سنين ،قررنا نحن ثلاثة فتية كانت أعمارنا بين السابعة والثامنة عشرة ، في العطلة الصيفية التي كانت طويلة ، ومدتها ثلاثة أشهر ، القيام برحلة حول العالم .

أحمد محبوب العامر
أحمد محبوب العامر

 استطعنا أن نجمع من أهلنا في ذلك اليوم الذي كانت فيه الأموال شحيحة وغالبية الأسر الكويتية تعتمد ـ بعدالله ـ على الرواتب والمساعدات من وزارة الشؤون، جمع كل واحد منا من أهله خمسين ديناراً ، فأصبح المجموع مئة وخمسين ديناراً ، وإذا أردنا أن نعادل هذا المبلغ مع دنانير اليوم فستصبح الخمسين خمسمئة ديناراً.

  •  سهّل الإعلامي أحمد العامر “يرحمه الله “تمويل جولتنا بدعم من الشيخ جابر الأحمد ونشر تفاصيلها في الوطن .

  •  حط رحالنا بمبلغ لا يتجاوز 300 ديناراً في أغلب دول الحوض المتوسط وقضينا بها شهران و9 أيام حتى العودة إلى الكويت .

الإعلامي أحمدالعامر مع أحمد السيد عمر - يرحمهما الله
الإعلامي أحمدالعامر مع أحمد السيد عمر – يرحمهما الله

رحالة الكويت

أردنا قبل السفر أن نوثق الرحلة ، فذهبنا إلى قسم السياحة في إدارة المطبوعات والنشر (وزارة الإعلام اليوم) ، وكان مسؤولها الأستاذ صالح الشهاب ” يرحمه الله ” فسجلونا تحت عنوان رحالة الكويت (KUWAIT TRAVELLER) ، وهكذا ذهبنا إلى سائر إدارات الدولة آنذاك ، نأخذ منها مطبوعاتها لنوزعها في الدول التي نحط رحالنا فيها .

دعم الشيخ أحمد الجابر 

وفي أثناء مرورنا بالإدارات الحكومية التقينا بالإعلامي الفاضل أحمد محبوب العامر (يرحمه الله) (1922) – (18/10/2015)، فقال : ما شأنكم كلما مررت بدائرة وجدتكم أمامي ؟ فقلنا له : مرادنا من ذلك هو الرحلة حول العالم , فقال : عندكم مصاريف الرحلة ؟ قلنا جمعنا من أهلنا مئة وخمسين ديناراً ! قال هذه لا تكفي ،  انتظروا قليلاً أكتب لكم كتاباً اذهبوا به إلى رئيس المالية ، وكان رئيسها آنذاك الأمير الشيخ جابر الأحمد (يرحمه الله) .

الشيخ جابر الاحمد
الشيخ جابر الاحمد

وكان مكتبة في إدارة المالية قبل أن يهدم مبناها في أول شارع فهد السالم ، مقابل عمارة ثنيان الغانم ، وكان مكتبه في الدور الأخير العاشر أو الذي بعده ،استقبلنا مدير مكتبه بدر النصرالله  ، وكان الشيخ جابر وقتها في اجتماع في إدارة مجلس التخطيط ، فقال للمراسل : اذهب بالكتاب إلى الشيخ ، وانتظرنا عنده في مكتبه حتى رجع المراسل بالكتاب مكتوباً فيه ادفع لكل واحد منهم خمسين ديناراً ، فأصبح المبلغ الإجمالي ثلاثمئة دينار .

بدء الجولة

استطعنا بهذا المبالغ أن نحط برحالنا في أغلب دول حوض البحر الأبيض المتوسط ، من تركية مروراً بالدول الكثيرة ، حتى إيطالية فجزيرة صقلية ثم تونس بالباخرة ، ثم ليبية فمصر براً فالقدس بالطائرة فالأردن فالعراق فالكويت ، في مدة شهرين وتسعة أيام ..وكانت بداية الرحلة من البصرة إلى بغداد ثم إلى الموصل فسورية .

هذه الرحلة ما كانت لتتم لولا الله ثم رأي الأستاذ أحمد العامر الذي أشار علينا بذلك الرأي ، وكتابه الذي كتبه لنا ، وكان قبلها قد اشترط علينا أن نرسل له بالتقارير والصور ، عن كل بلد نحط به ، لينشرها في مجلته (الوطن) وتعتبر ثاني صحيفة بعد جريدة الرأي العام لعبدالعزيز المساعيد .

دوار وزارة المالية كما يطلق عليه في الستينيات
دوار وزارة المالية كما يطلق عليه في الستينيات ويبدو مبنى المالية الثاني يسار الدوار

دعامة إعلامية 

تابعنا بارسال الصور والتقارير إليه ، وكان ينشرها في الصفحة الأخيرة من المجلة ، رحمك الله يا أحمد العامر وأسكنك فسيح جناته فأنت واحد من الدعامات الإعلامية الأولى في تاريخ الكويت ، أكتب هذه السطور عنك

في الصورة رائدي التصوير السينمائي في الكويت أحمد العامر يمينا و محمد قبازرد
في الصورة رائدي التصوير السينمائي في الكويت أحمد العامر يمينا و محمد قبازرد

لتذكرك الأجيال وتهتم باسمك الدولة ، وتحفظ لك ما قمت به،  وقت كان كل شيء شحيحاً ونادراً .

وأذكر أبناء أخيه خالد العامر أن يحافظوا على ميراثه الثري، فيكتبوا عنه تاريخه ويجمعوه في صعيد واحد بالوثائق والصور (1)، والكتابات التي كتبها وكتبت عنه ليطلع على ذلك الجميع .
والله المستعان..

*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا 

هامش :

1- نشرت مجلة تراثنا – العدد  76  لشهري ( سبتمبر – أكتوبر لعام 2020م ) تقريراً شاملاً موسعا عن مقالات وكتابات للأستاذ أحمد العامر .

تابعنا هنا

اشترك في الخدمة البريدية المجانية هنا لتلقي الاخبار.

ما تنشره الروابط لا يمثل بالضرورة رأي تراثنا

اترك تعليقاً