• Post published:31/07/2019

الحلقة 19

جهود تدوين الحديث النبوي وعلومه

 

تصدي علماء اهل الحديث للخرافة وأهل البدع في اليمن
تصدي علماء اهل الحديث للخرافة وأهل البدع في اليمن

 

 

تراثنا – التحرير :

 

في القرن الثالث عشر هجري تواصلت جهود علماء أهل الحديث في السير على نهج من سبقهم في القرون السابقة في الذب عن السُنة النبوية وصونها .

 

وفي الحلقة (19) تستكمل تراثنا الإلكترونية استعراض كتاب ” تدوين الحديث النبوي في اربعة عشر قرناً ”من اصدارات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، حيث تعني في هذه الحلقة بجهود ومؤلفات أعلام علماء بلاد المغرب وغيرها ( الحلقات كاملة ) .

 

 

نضال أئمة أهل الحديث وتضحياتهم 

• تصدى العلامة الشوكاني لنشر السنة في الديار اليمنية في وقت كانت تعج بالبدع والخرافات والتعصب المذهبي .

• أُبتلى الإمام مالك بخصوم وعاداه ملوك، فنشر الله مذهبه في الأقطار واشتهر من أقواله ما ملأ الأنجاد والأغوار.

• وقع للإمام أحمد بن حنبل من المحن الكثير وعُذب وضُرب وهموا بقتله وسُجن فكانت العاقبة له ، وصار إمام الدنيا .

• مات الإمام البخاري كمداً بما أصابه من محنة الذهلي وأتباعه فجعل الله كتابه «الجامع الصحيح» أصح كتاب في الدنيا .

• تمالأ الحُساد على عالم الحديث الإمام الصنعاني فاعتُقل وكاد يُضرب بالسيف وسٌجن ونٌفي وقتلته (الباطنية) في داره .

 

 

موطأ الإمام مالك
موطأ الإمام مالك

 

 

٭ السنة في القرن الثالث عشر 

 

تفرد في هذا القرن في الديار اليمنية مجموعة من العلماء منهم العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت ١٢٥٠ هـ)، فقد بذل الكثير من الوقت والجهد في نشر السنة في هذه الديار التي كانت تعج بالبدع والخرافات والتعصب المذهبي والآراء الفقهية التي لا ترتكز إلى دليل من الكتاب والسنة حيث سار الناس على ما كان عليه آباؤهم من الضلال والمخالفة للسنة النبوية الصحيحة وما كان عليه رسول الله من الهدي المبارك.

 

نصر السنة

 

تصدى هذا العالم وبعض أقرانه وتلاميذه لتلك المخالفات بالدليل والحجة والبرهان حتى استقامت سنة رسول الله ونشر علم الكتاب والسنة ودراسة علومهما في مشارق هذه الديار ومغاربها فنصرت السنة على يدي هذا العالم وإخوانه العلماء، ويعد بحق من أعلام هذا العصر في تلك الديار حيث نالت مؤلفاته استحسان أهل العلم في عصره وانتشرت في مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها.

 

ابتلاء الشوكاني

 

لقد أوذي هذا العالم في دينه وعلمه، وقد ذكر بلاءاته هذه أثناء الطلب عندما كان طالباً، وعندما كان مدرساً شيخاً في حلقات العلم التي يقوم عليها في كتابه (طلب العلم وطبقات المتعلمين) يقول: «من تأمل الأمر كما ينبغي عرف أن كل قائم بحجة الله إذا بينها للناس كما أمره الله وصدع بالحق وضرب بالبدعة في وجه صاحبها وألقم المتعصب حجراً وأوضح له ما شرعه الله لعباده وأنه في تمسكه بمحض الرأي مع وجود البرهان الثابت عن صاحب الشرع كخابط عشوي وراكب العمياء، فإن قبل منه ظفر بما وعده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأجر، كما في قوله: «لأن يهدي الله بك على يديك رجلاً» الحديث، وإن لم يقبل منه كان قد فعل ما أوجب الله عليه ، وخلّص نفسه من كتب العلم الذي أمره الله بإفشائه، وخرج من ورطة أن يكون من الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى، ودفع الله عنه ما سوّلته له نفسه الأمّارة من الظنون الكاذبة والأوهام الباطلة، وانتهى حاله إلى أن يكون كعبه الأعلى وقوله الأرفع ، ولم يزده ذلك إلا رفعة في الدنيا والآخرة عند عباد الله، وظفراً بما وعد الله به عباده المتقين، وهم وإن أرادوا أن يضعوه بكثرة الأقاويل، وتزوير المطاعين، وتلفيق العيوب، وتواعدوه بإيقاع المكروه به، وإنزال الضرر عليه، فذلك كله ينتهي إلى خلاف ما قدروه وعكس ما ظنوه، وكانت العاقبة للمتقين، كما وعد به عباده المؤمنين .

 

 

مخطوطة نادرة من بلاد اليمن
مخطوطة نادرة من بلاد اليمن

 

تضحيات الائمة

 

ولقد تتبعت أحوال كثير من القائمين بالحق، المبلغين له كما أمر الله المرشدين إلى الحق، فوجدتهم ينالون من حسن الأحدوثة وبُعد الصيت وقوة الشهرة وانتشار العلم ونفاق المؤلفات وطيرانها وقبولها في الناس ما لا يبلغه غيرهم، ولا يناله من سواهم. وسأذكر لك هنا جماعة ممن اشتهرت مذاهبهم كإمام دار الهجرة مالك بن أنس فإنه بلي بخصوم وعاداه ملوك، فنشر الله مذهبه في الأقطار واشتهر من أقواله ما ملأ الأنجاد والأغوار، كذلك الإمام أحمد بن حنبل، فإنه وقع له من المحن التي هي منح ما لا يخفى على من له اطلاع وضرب بين يدي المعتصم العباسي ضرباً مبرحاً وهموا بقتله مرة بعد مرة وسجنوه في الأمكنة المظلمة وكبلوه بالحديد ونوعوا له أنواع العذاب فنشر الله من علومه ما لا يحتاج إلى بيان ولا يفتقر إلى إيضاح وكانت العاقبة له فصار بعد ذلك إمام الدنيا من غير مدافع، ومرجع أهل العلم غير منازع، ودوّن الناس كلماته وانتفعوا بها. وكان يتكلم بالكلمة فتطير في الآفاق فإذا تكلم بالكلمة في رجل بجرح تبعه الناس وبطل علم المجروح، وإن تكلم في رجل بتعديل كان هو العدل الذي لا يحتاج بعد تعديله إلى غيره، ثم الإمام محمد بن إسماعيل البخاري أصابه من محمد بن يحيى الذهلي وأتباعه من المحنة ما مات به كمداً، ثم جعل الله تعالى كتابه «الجامع الصحيح» كما ترى أصح كتاب في الدنيا وأشهر مؤلف في الحديث وأجل دفتر من دفاتر الإسلام.

 

مؤلفات الشوكاني

 

 

وللإمام الشوكاني الكثير من المؤلفات في الفنون المتنوعة ومنها علم الحديث اشتهر منها: «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» وتعتبر مؤلفاته من المراجع المهمة في عصره وإلى يومنا ولاسيما الأجزاء الحديثية في علوم الدين المتنوعة.

 

وبالجملة لم يجتمع لغيره من أهل عصره ما اجتمع له من سعة التبحر في سائر الفنون وكثرة التلاميذ المحققين ووفرة التآليف المحررة، وجدير به أن يلحق بطبقات المتقدمين. وقد أفرده بالترجمة تلميذه الأديب محمد بن حسن الذماري في مجلد ضخم.

 

الإمام الصنعاني

 

ومن علماء الحديث بصنعاء محمد بن علي بن حسين العمراني الصنعاني (1194-1264هـ): عالم بالحديث، مؤرخ لعلماء عصره. ولد وتعلم يصنعاء، وعظمت مكانته، فتمالأ عليه الحساد، فاعتقل، وكاد يعرض على السيف. ثم نفي إلى زبيد (سنة 1250هـ) وهاجر إلى مكة فأقام ثلاث سنوات. واستدعاه الشريف حسين بن علي بن حيدر صاحب أبي عريش (باليمن) وبالغ في إكرامه، فمكث نحو سنتين. ورحل إلى زبيد، فلما دخلتها الباطنية هاجم بعضهم داره فقتلوه.

 

مؤلفات الصنعاني

 

له «تاريخ» مخطوط بخطه، في مكتبة الجامع بصنعاء (169 ورقة) ترجم فيه علماء عصره، و«عجالة ذوي الحاجة» حاشية على سنن ابن ماجة، و«سنن ابن ماجة» مجلدان في رجال الحديث.

 

 

بلاد اليمن
بلاد اليمن

 

ومن رجال الحديث في الهند الذين اعتنوا بجمعه وتدوينه وروايته: الشيخ خير الدين السورتي (ت١٢٠٦هـ) ومولانا شيخ الإسلام الدهلوي صاحب «كشف الغطاء» (ت١٢٠٦هـ) والشيخ سلام الله بن شيخ الإسلام صاحب «المحلى شرح الموطأ» (ت١٢٢٩هـ)

 

رجال الطبقة الثالثة

 

ومن رجال الطبقة الثالثة: الشيخ محمد إسحاق بن أفضل الدهلوي (ت١٢٦٢هـ) والشيخ عبدالحق النيوتني البنارسي (ت١٢٧٦هـ) والشيخ عالم علي النيكنوي (ت١٢٩٥هـ) والشيخ عبدالغني بن أبي سعيد الدهلوي صاحب «إنجاح الحاجة» (ت١٢٩٦هـ) والشيخ أحمد علي بن لطف الله السهابنوري صاحب «التعليق على الجامع الصحيح» (ت١٢٩٧هـ) والشيخ عبدالقيوم بن الشيخ عبدالحي البدهانوي (ت١٢٩٩هـ).

 

 

يتبع لاحقا..

 

طالع : حلقات ذات صلة

 

 

كاتب وكتاب

 

كتاب تدوين علم الحديث

 

كتاب(تدوين الحديث النبوي في أربعة عشر قرناً) تأليف د .محمد بن إبراهيم الشيباني ، صدر عام 1430هجري – 2009 م ، من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق (الكويت)

 

 

تواصل مع تراثنا

 

اترك تعليقاً