• Post published:10/07/2018

 

الحلقة السابعة 

سلسلة في علم الحديث وتدوينه وجمعه

 

رحلة الامام البحاري فى طلب الحديث
رحلة الامام البحاري فى طلب الحديث

 

تراثنا – التحرير :

 

تدوين الحديث النبوي …تواصل تراثنا في الحلقة السابعة نشر اجزاء كتاب ” تدوين الحديث النبوي في اربعة عشر قرناً ” كاشفة جهود العلماء في الذب عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الضياع وتنقيتها من الاكاذيب والموضوعات ( الحلقات كاملة ) .

 

• لم يأل النبي صلى الله عليه وسلم جهداً لنشر احكام الإسلام فعرض نفسه على القبائل واتصل بالوفود في المواسم ..

• إقبال الناس على معرفة الدين الجديد ونظامه واشهار إسلامهم ساهم في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الافاق .

• تحولت جميع قوى الصحابة الفطرية وفضائلهم الطبيعية وتضافرت للمحافظة على الإسلام ونشره .

• لأمهات المؤمنين فضل في تبليغ الدين ونشر السنة بين نساء المسلمين، حيث وجدن عند أزواجه ما يشفي غليلهن لصلتهم الدائمة به.

• حرصت الصحابيات على حضور مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم وطلبن منه أن يُعيّنَ لهنّ مجالس خاصة يسألنه فيها عن أمورهن ..

• تضافرت عوامل عدة في نشر السنة في الآفاق منها إرسال  رُسلُه وبعوثه وولاته حيث بلغوا رسالته، وأدوا أمانته.

• كانت غزوة فتح مكة حدثاً تاريخياً عظيماً، نقلته جموع غفيرة كما نقلت خطبته .

• كان لاجتماع المسلمين بعددهم الكبير في حجة الوداع أثر بعيد في معرفة أحكام الشريعة ونقلها إلى أنحاء الجزيرة العربية .

• لقد وقف الصحابة الراشدون على حذر في شأن الحديث يرقبون قول رسولهم : “من حدث عني كذبا فليتبوأ مقعده من النار” .

 

نشر السنة في عهد الرسالة

 

تدوين الحديث النبوي
تدوين الحديث النبوي

انتشرت السنة مع القرآن الكريم منذ الأيام الأولى للدعوة، يوم كان المسلمون قلة، يجتمعون سراً في دار الإسلام، (دار الأرقم بن عبد مناف)، يتلقون الدين، ويقرؤون القرآن، ويؤدون العبادات، وما لبث رسول الله أن صدع بأمر الله عز وجل، وكثر المسلمون، وعم الإسلام الجزيرة العربية.

 

عوامل نشرت السنة في الافاق

 

وكان رسول الله في مختلف مراحل الدعوة يبلغ الناس، ويفتيهم، ويقضي بينهم، ويخطبهم، ويسوسهم في السلم والحرب، وفي الشدة والرخاء، ويعلمهم، فيحفظون الأحكام ويطبقونها، وقد تضافرت عوامل عدة، تكفلت بنشر السنة في الآفاق، منها:

 

– نشاط رسول الله ، وجِدُه في تبليغ دعوته، ونشر دينه الإسلام، فلم يترك وسيلة للدعوة إلا استفاد منها، ولا سبيلا إلا سلكها، فعرض نفسه على القبائل، وتحمل الصعاب، وصنوف الأذى، واتصل بوفود المواسم. وعرض عليهم الإسلام .. فلم يألُ جهداً في تبليغ الرسالة .. حتى عزَّ الإسلام، وقويت دولته .. وفي جميع تلك التطورات، كانت السنة تأخذ مكانها في نفوس المسلمين.

 

– طبيعة الإسلام، ونظامه الجديد، الذي جعل الناس يتساءلون عن أحكامه؛ وعن رسوله وأهدافه، فكان بعض من يسمع بالدعوة يقبل على رسول الله يسأله عن الإسلام، فيعلن إسلامه، وينطلق إلى قومه ليبلغهم ما رأى، ويخبرهم ما سمع.

 

 

تدوين الحديث الشريف وعوامل نشره في الآفاق
تدوين الحديث الشريف وعوامل نشره في الآفاق

 

 

دور الصحابة في تبليغ السنة

 

نشاط أصحاب رسول الله ، واندفاعهم في طلب العلم، وحفظه وتبليغه .. فالصحابة، ما كاد الإيمان يخالط قلوبهم وينير سبيلهم؛ حتى عرفوا عظمة الإسلام، فانكبوا ينهلون من القرآن الكريم – ذلك المعين الذي لا ينضب – بعد أن رأوا فيه المعجزة الكبرى، والهداية العظمى، وامتلأت قلوبهم حباً لله ولرسوله، فتفانوا في الدفاع عن مبادئهم، وحماية قائدهم ومعلمهم، حتى إن الرجل منهم ليفديه بماله، ودمه، وولده.

 

لقد تحولت جميع قواهم الفطرية، وفضائلهم الطبيعية، وحيوياتهم الدائمة، وتضافرت للمحافظة على الإسلام ونشره.

 

وإن التاريخ ليحفظ لنا تلك المفاخر الخالدة من التضحيات العظيمة النادرة .. وبهذه الروح السامية، والحيوية الدائمة؛ أقدموا على تلقي العلم عن رسول الله .

 

 

الدعاء و النذر لغير الله شرك

 

 

دور أمهات المؤمنين في تبليغ السنة

 

كان لأمهات المؤمنين فضل عظيم في  تدوين الحديث النبوي وتبليغ الدين، ونشر السنة بين نساء المسلمين، فقد كان بعض النساء يخجلن من أن يسألن رسول الله عن أمورهن، فيجدن عند أزواجه ما يشفي غليلهن، لأنهن على صلة دائمة به، يتعلمن منه الأحكام، وينقلن عنه ما لا يتاح لغيرهن نقله، وقد اشتهرت السيدة عائشة – رضي الله عنها – بعلمها الغزير، وحرصها على فهم الأحكام. فعن ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي قالت: قال رسول الله : «من حوسب عُذِّبَ»، قالت: فقلتُ: «أوليس يقول الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرً ﴾ قالت: فقال: “إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب عُذِّبَ”.

 

وقد عرف المسلمون سمو مكانتها وتعمقها في أحكام الإسلام، فكانت – بعد وفاة النبي – محط أنظار طلاب العلم والمستفتيين، ومرجعهم في كثير من أمور دينهم.

 

 

دور الصحابيات في تبليغ السنة

 

كان لنساء الصحابة أثر عظيم في تدوين الحدث النبوي حفظ السنة وتبليغها لا يقل عن أثر الصحابة أنفسهم، – رضي الله عنهم – ، وقد رأينا حرصهن على حضور مجالس الرسول ، حتى إذا ما رأين الرجال قد غلبوهن على رسول الله ، طلبن منه أن يُعيّنَ لهنّ مجالس خاصة بهن، يسألنه فيها عن أمورهن، ويتعلمن أحكام الإسلام .. كما أنهن كن يشهدن بعض المواسم كصلاة العيد، ويستمعن إلى أحاديث رسول الله وقد كان لهؤلاء الصحابيات أثرٌ عظيم في حمل أحكام كثيرة تتعلق بالنساء وحياتهن الزوجية – نقلنها إلى خلفهن – وكان من الصعب أن يسأل الصحابة عنها رسول الله .

 

 

قدكمت القوافل من كل حدب وصوب حاملة مواثيق رسول الله صلى عليه وسلم مكتوبة إلى بلاد الأمصار

 

 

عوامل متعددة بلغت السنة النبوية

 

وليست هذه فقط العوامل التي تضافرت في نشر السنة في الآفاق وحدها، وإنما ذكر العلماء عوامل كثيرة، منها رُسلُه ، وبعوثه، وولاته، حيث بلغوا رسالته، وأدوا أمانته. وغزوة فتح مكة كانت حدثاً تاريخياً عظيماً، نقلته جموع غفيرة كما نقلت خطبته إلى الآفاق.

 

حجة الوداع

 

وحجة الوداع، واجتماع المسلمين بهذا العدد الكبير أثر بعيد في معرفة أحكام الشريعة، ونقلها إلى أنحاء الجزيرة العربية. والوفود بعد الفتح الأعظم وحجة الوداع وتتابعها، وكان رسول الله يرحب بأعضائها ويعلمهم الإسلام، ويزودهم بنصائحه.

 

انتشار الحديث في عهد الخلفاء الراشدين

 

ظلَّ رسول الله بين أصحابه – كما مر معنا – يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، وكان الصحابة سعداء برسول الله ، في دينهم ودنياهم، فلم يكن ثم خوف على حديث رسول الله من أعمال المنافقين، ودجل الكذابين، لأن الوحي كان يفضح أمرهم، ويكشف سرهم، فلم يكن هناك مجال لنقد الحديث وروايته، من دون الرجوع إلى صاحب الرسالة؛ فكانت حياة رسول الله قاضية على كل خلاف أو شك.

 

دور الشيخين في حفظ  السنة 

 

فلما قبض رسول الله ، وانقطع الوحي، اشرأب النفاق، وارتد كثير من العرب، ومنع بعضهم الزكاة؛ لم يكن عجباً أن يكذب منافق على رسول الله ، كما لا نعجب من بعض الأعراب – الذين يدعون أن رسالة محمد تنتهي بموته – أن يعبثون بحديث رسول الله ، ولكن أبا بكر الخليفة الأول – رضي الله عنه – الذي قلم أظافر المرتدين، ومانعي الزكاة قد سدّ الباب في وجوه الكذابين بما أرسى من قوانين الرواية، وجاء عمر – رضي الله عنه – بعده وسار على نهجه، فأرهب الكذابين، وأخاف المكثرين.

 

لقد نظر الخليفتان، وسائر الصحابة إلى السنة النبوية فوجدوها في صدور الذين أوتوا العلم، فلم يشاؤوا أن يعرضوها في سوق الرواية، فكرهوا أن يشتغل الناس برواية الحديث، فأمراهم أن يقللوا من الرواية، حتى لا ينصرفوا عن تلاوة القرآن، وحتى لا يتخذ المنافقون من شيوع الحديث عن رسول الله ذريعة للتزيد فيه، وسلماً لتزييف الحديث عنه ، ولئلا تَزِلَّ بالمكثرين أقدامهم في هوة الخطأ والنسيان فيكذبوا على رسول الله من حيث لا يشعرون.

 

 

علم الحديث
علم الحديث ورواته سند حفظ الإسلام من الموضوعات والمفتريات

 

 

خشية الصحابة

 

لقد وقف الصحابة الراشدون على حذر في شأن الحديث؛ فأقلوا من الرواية خشية أن يتخذها المنافقون مطية لأغراضهم الخبيثة؛ فكانوا يرقبون قول رسولهم : “من حدث عني كذبا فليتبوأ مقعده من النار”.

 

كما كانوا مقلين من الرواية، ممسكين عن الاكثار منها؛ ساروا أيضاً على منهاج التثبت في الراوي والمروي، يسترشدون بما تواتر من سنة رسول الله ، أو اشتهر؛ فأخذوا الحديث بحيطة شديدة، فقبلوا المشهور والمتواتر، وما وافق كتاب الله من الآحاد، وما اطمأنت نفوسهم إليه من الحديث، وردوا ما وقع فيه الشك، أو لم يوافق كتاب الله وخالفه.

 

 

الحلقات السابقة

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

 

اترك تعليقاً