• Post published:03/12/2020

دين الفطرة الوسطية ..لا افراط ولا تفريط

راعى الإسلام تنوع المدنيات في البيئات البشرية فمنح كل منها ما يناسبه من التعدد

كتاب تعدد الزوجات عند الفرس والرومان والمصريين والهنود والعرب وغيره

تراثنا – التحرير :

د محمد بن إبراهيم الشيباني
د محمد الشيباني

أخذت قضية إجازة الشرع الإسلامي تعدد الزوجات للزوج الواحد اهتمام واسع لدى العلماء في الماضي ومازالوا  حيزا واسعا في الرد على شبهات أصحابها المتغربين ، وكل كتاب يدفع إلى المطبعة يخرج بإضافة معلوماتية جديدة تسد ثغرة مستجدة من تلك الشبهات .

  • المستشرق سرفيه: عجيب أمر الغربيين ومن شايعهم في الداخل الغربي والخارج الأوروبي إنكارهم التعدد ، وهم يبيحون لأنفسهم بالسر والخفاء !

  • مازال التعدد قائماً في الأديان السماوية مثل المسيحية واليهودية،ولكنها بسرية عند الأعيان والكبراء ورجال الدين ، تكتشف بعد موتهم .

  • Driesman : إعطاء محمد “عليه الصلاة السلام ” المرأة حريتها وراء نهوض العرب وقيام مدنيتهم ،ولما سلبوا حريتها انحطوا واضمحلت مدنيتهم .

  • يشترك الأخوة في قبيلة الكاسياس في جبال همالايا وقبيلة النارس في مليبار في الزوجة الواحدة وفي أفريقية وغيرها وهي جارية  حتى اليوم.

  • في أحدى الجزر تتزوج المرأة الشريفة من 8 أزواج ، وظهر من تعداد في عام 1821 م ، تفوق الرجال فيها أكثر من النساء بعشرين ألفاً !

تحمل طفلها من أحد ازواجها الخمسة في التبت
تحمل طفلها من أحد ازواجها الخمسة في التبت

وجاء كتاب ( تعدد الزوجات عند الفرس والرومان والمصريين والهنود والغرب وغيرهم ) لمحرره د . محمد بن إبراهيم الشيباني * ليضيف منهلاً جديداً ، يجمع بين ردود  مختلفة ، من شرق وغرب ، حرصت أصحابها على تفنيد أوجه عدة من تلك الشبهة ، وتستعرض تراثنا جانب منها جاء في المقدمة والتمهيد بغية التعريف بالكتاب للباحث والقارئ الكريم .

المقدمة 

يقول المؤلف د . محمد بن إبراهيم الشيباني في مقدمة الكتاب : ” يعتقد كثير من طبقات الناس إن الإسلام هو الدين الأول الذي بتعدد الزوجات إلى أربع ، وذلك بقول المولى جلت قدرته في كتابه الكريم ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ) النساء/3 .

بل الواقع غير ذلك ، فهذه كتب التاريخ القديم تحدثنا بأن التعدد كان في الأمم السابقة ، سواء ممن كانوا من أصحاب الديانات الأرضية أو السماوية ، ومازالت موجودة إلى اليوم في الأديان السماوية ، مثل المسيحية واليهودية ، ولكنها بسرية عند الأعيان والكبراء ورجال الدين ، تكتشف بعد موتهم .

عادات شائعة ومعروفة

ويشير د .الشيباني في (التمهيد) إلى أنه اعتمد في جمع الكتاب على ما كتبه اهل الأديان في القديم والحديث ، وفي الكتب والمجلات العلمية ، بل وما كتبه أهل الإسلام في ذلك ، موضحاً أنها كانت عادة معروفة جداً ، جرى عليها الفرس والرومان والمصريون والهنود وغيرهم من سائر الأمم ، وشائعة كل الشيوع في الشرق وتجيزها شرائعهم ولذلك يألفونها ولا يستهجنونها .

جانب من أصدارات مركز المخطوطات المشاركة في معرض الكتاب الدولي
جانب من أصدارات مركز المخطوطات المشاركة في معرض الكتاب الدولي

أمثلة التعدد

ويضرب المؤلف أمثلة على نماذج شهدها التاريخ والأديان :

  • اشتراك الازواج من زوجة واحدة 
  • ومثاله اشتراك الأخوة في قبيلة الكاسياس في جبال همالايا وقبيلة النارس في مليبار (1) وهي جارية حتى اليوم على القاعدة الأولى ، أي يشترك جملة أزواج من أسر مختلفة في أمرأة واحدة ، وقد ذكر السياح شيوع هذه العادة بين بعض أهل افريقية ، حيث يتزوج الرجل بامرأة واحدة ، وتتزوج المرأة برجال عدة (2) ، وفي جزائر صندويج (3)يحصرون تعدد الزوجات في النساء الحاكمات .
  • المرأة تتزوج بالأخوين 

ولكن في سيلان يجوز لكل من الأزواج ان يشرك في زوجته من شاء من الرجال ، فيصيرون أزواجاً شرعيين لها ، بشرط أن يكون ذلك برضي المرأة أيضا .

  • العادات والسنن الهالكة تميت الفطرة السليمة

وهذا برهان على أن العادات والسنن قد تسطو على الغيرة الطبيعية ، وحب الأثرة فتميتها ، وقد قال أحد الرواد إنه رأى هنالك أمرأة من الشريفات ، لها ثمانية أزواج ! وظهر من تعداد سنة 1821 م ، أن الرجال كانوا في تلك الجزيرة أكثر من النساء بعشرين ألفاً ، وهذا سر بقاء هذه العادة بين بعض أهاليها حتى اليوم ، مع اجتهاد البرتغاليين في إزالتها .

جاء تعدد الزوجات مفتاح لحل أزمة الأسر المشردة في سوريا وخارجها من غير عائل لها
جاء تعدد الزوجات مفتاح لحل أزمة الأسر المشردة في سوريا وخارجها من غير عائل لها
  • أهالي إسبرطة وبريتانية يشتركون في زوجة 

أما البرهميون والبوذيون وسائر سكان الشرق الأقصى ، فيعدون الزوجة الأولى شرعية وسائر الزوجات ، فيكن بمثابة عبدات لها ، ومن غريب عاداتهم أنه عندما يموت الرجل تدفن أوتحرق زوجته معه ، ولا عكس (4) .

  • تحرير المرأة من العبودية 

تبشير محمد صلى الله وسلم بالمرأة وتحريره لها من عبوديتها القديمة لم يخف أمره على العلماء في من كتبة الغرب ، حتى غير المنصفين منهم ، فقد قال المستشرق ( أندريه سرفيه ) في كتابه الذي سماه( الإسلام ونفسية المسلمين ) ما نصه : يتحري محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الأسباب التي تجعل المرأة من حزبه ولا يتكلم عنها إلا بكل لطف ، ويجتهد في ان يحسن أحوالها .

  • حقوق المرأة في الإسلام 

واستطرد سرفيه  : كان النساء والأولاد قبله لا يرثون ، بل من ذلك أن الأقرب نسباً للميت هو الذي كان يرث نساء الميت في جملة ما يرث من مال ورقيق ، وعندما نهض محمد( صلى الله عليه وسلم ) أعطى المرأة حق الأرث ، وأوجب كل ما هو حسن في حقها “

ثم قال ( سرفيه ) : من أراد التحقق من عناية محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بالمرأة فيقرأ خطبته في مكة، التي أوصى فيها بالنساء ، بل إن العالم الألماني ( دريسمان  Driesman ) صرح بأن إعطاء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) المرأة حريتها وهو وحده السبب في نهوض العرب ، وقيام مدنيتهم ،ولهذا لما عاد أتباعه فسلبوا المرأة هذه الحرية ،انحطوا واضمحلت مدنيتهم ) (5) ..

المرأة الكويتية استفادت من تجربة الديوانيات لدعم حقوقها السياسية
حرر الإسلام المرأة من عبودية البشر واعطاها حقوقها العادلة 
  • التعدد في الإسلام 

ومن الأمور التي يعيبون بها على المسلمين ( تعدد الزوجات ) ونقول : إن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لم يخاطب بشرعه طبقة واحدة من مجموعة البشر كما خاطب غيره من المشترعين ، وإنما كان يخاطب الطبقات كلها ، والأمم كلها ، وفيهم المتوحشة ، وأمة نصف متمدنة ، وأمة متمدنة .

فمحمد (صلى الله عليه وسلم ) في تعدد الزوجات يقول لكل أمة : خذي من شريعتي المرنة ما يناسب محيطك ، وحالة مجتمعك ..

  • يعددون وينكرون على الإسلام إباحته لها :

ثم يكمل الكاتب ( سرفيه )  استغرابه من أمر الغربيين وما شايعهم في الداخل الغربي والخارج الأوروبي بإنكارهم التعدد ، في حين أنهم يبيحون لأنفسهم بالسر التعدد بالخفاء “متخذين خليلات وأخدان ” !

وذلك بقوله : بل نعود فنقول : مالنا وللأمم التي يبيح فيها محمد ( صلى الله عليه وسلم ) التعدد بمسوق يسوقه لها من بيئتها أو أمزجتها ، هذه الأمم نفسها ، تُعَدِد بالفعل ، وتنكر بالقول ، وتسب الذين يعددون !!

تنوع الطرح

وتنوعت الأبواب والعناوين التي تناقش هذه القضية من أوجه عدة في الكتاب ، حيث استعرض المؤلف الشبهات المثارة على الإسلام ، وتناول الردود عليها..ويمكن للقارئ والباحث الاطلاع على تفاصيلها، حيث تتوفر نسخها لدى مركز المخطوطات والتراث والوثائق  ودار الوراقين ” انظر تواصل معنا ” .

هذا الكتاب

( تعدد الزوجات عند الفرس والرومان والمصريين والهنود والغرب وغيرهم ) ويليه ( زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق ما جاء من فضائلهن رضي الله عنهن وعددهن في الكتاب والسنة )  حرره د . محمد بن إبراهيم الشيباني ، يقع في 110 صفحات من الحجم الوسط ( الطبعة الأولى 2020م ) ، الإصدار الأول من سلسلة ” قسم السيرة النبوية ” من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق..

*محمد بن إبراهيم الشيباني : رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا

وإقرأ

*مقالات ودراسات وبحوث ولقاءات تاريخية منشورة في تراثنا

هامش :

1 – كلها دياناتها بوذية أو السيخية هم يقومون بذلك، يخبرنا البوذ انفسهم عندا في الكويت

2 –  الكواناس : وهم الهنود الحمر السكان الأصليون الوثنيون .

3 – وهذه العادة أو الطبيعة عند قوام الوثنية .

4 – أعد هذه الاسطر الحاشية : سليم عنحوري ، مجلة الضياء 8/201 ،1905 /1906 م

5 – محمد والمرأة ، للشيخ محمد عبدالقادر المغربي  ص 14 ،15 .

تواصل معنا 

اترك تعليقاً