• Post published:25/02/2018

 

بما أنه قد كثر البحث هذه الأيام عن الكويت فلابد أن نصفها للقراء .
( الكويت ) هي بلدة كائنة على الخليج الفارسي من جهة شمال جزيرة العرب فهي تتصل بأراضي الحسا و القطيف ونجد كما تتصل بأراضي البصرة على مسافة أربع ساعات يسير المراكب التجارية وبينهما جملة قرى الفاو والزبير وهي واقعة على أرض جرداء لا ينبت بها زرع وغالب أهلها يشتغلون بصيد اللؤلؤ من البحرين بوساطة سفن صغيرة غواصة بطريق معروفة لديهم من القديم وهي على شكل صندوق له فتحة يقدر أن يدخل بها الغائص مما لا محل لشرحه لحضرات القراء وكذلك يشتغلون بالتجارة وخصوصاً في الإبل والخيل ولوازم المعيشة ويبلغ تعداد سكانها نحو خمسة عشر ألفا . ولما كان الانكليز طامحين إلى بلاد العرب وطامعين فيها ولا يتسنى لهم دخولها من جهة ينبع وجدة ولا من جهة أخرى كالشام مثلا فإنهم عنوا بالكويت فتداخلوا في شؤونها وأوجدوا قنصلا لهم هناك ولكن تحت عنوان وكيل المراكب الانكليزية التجارية والحقيقة التي لا شك فيها هي أنه مأمور سياسي منهم ، وله مركب صغير حربي ولكنه في الظاهر لنقل البوسطة ، وأهالي الكويت يطلقون عليه لفظ ( الصاحب ) وإلى الآن تدخل الدولة الانكليزية في تلك الجهة واقف عند حد الخوف والرجاء فلم ينشب لهم أحد أظفارهم في الشؤون بل هم يطلقون يد أمير الكويت مبارك باشا ابن الصباح بلا معارضة والحق يقال أن ذلك الرجل كثير الغيرة على شؤون الدولة العثمانية ولكن الولاة أحرجوا مركزه واضطروه إلى مصانعة الانكليز وما زالوا على ما كانوا عليه ولم يفطنوا إلى وجوب تغيير سياستهم مع سعادته حفظاً لجزيرة العرب فقد اشترى أراضي ونخيلا بالبصرة فلم يرتضوا أن يقيدوها باسمه أو باسم أحد أولاده وظلت باسم البائع وذلك ليطالبوه بأخذ تذكرة نفوس ( عثمانية ) كأنه ليس من رعاياها وهو يجيبهم بأنه متى تحررت جميع القبائل وأخذت أوراقاً من مصلحة النفوس فهو أولهم فلم يلتفتوا إلى قوله ثم إنهم كانوا أخذوا منه في الماضي أرضا واسعة لعمل استحكام عسكري فأعطاهم من ملكه الخاص نحو أربعمائة جريب ولكن قبل أن يتم بناء الاستحكام أوقفتهم الدولة الانكليزية دون إتمامه وظلت الأرض بائرة فلا هم يردونها إليه لينتفع بها ولا أتموا بناءها سعادته يلح أن يزرعها بدلا من بوارها وعند لزومها أو لزوم غيرها يعطي للدولة ما تريد فلم يسمع له أحد الولاة إلى غير ذلك من أمثال هذه المعاملات والحق يقال أن هذا الرجل مع كونه لم يدرس في مدرسة فإنه مع إلحاح رجال الانكليز عليه وتداخلهم لا يزال محتفظاَ باستقلاله ولم يمكنهم من رفع علم أمام القنصلية ولا من مشتري قطعة أرض ولا من أي شيء يثبت قدمهم في تلك الجهة . فلعل الله تعالى يلهم رجال دولتنا للنظر وحسن التبصر حتى لا تقع تلك البلاد في مخالب الأعداء ولا يزال العلم العثماني مرفوعاً فوق بيت الرجل وعلى مركبه البخاري الذي ينقل ضيوفه ومهماته إلى المحمرة والبصرة .>
الرأي العام

اترك تعليقاً