• Post published:06/07/2019

ما أحلى وأجمل الحرية من دون زوار فجر ..

سقوط جدار برلين السجن الأكبر
سقوط جدار برلين السجن الأكبر

تراثنا – كتب محمد بن إبراهيم الشيباني *

حائط الحرب الباردة ، بوابة لندبرغ ، طول 45 م ، عرض 5م ، قُتل من الألمان الشرقيين الذين أرادوا الهروب منه 5000 قتيل ، بُني عام 1948 م ، وسقط في 10 من نوفمبر 1989 م .

سنحت لي في عام 1988م فرصة زيارة المانية الشرقية ، في رحلة عمل وراء المخطوطات الإسلامية ، وكان مقصدنا مكتبة كانت عامرة بالتراث المتنوع للعالم كله في بوتسدام ، وهي المنطقة المشهورة باجتماعات مهمة ، مثل الصلح الذي تم بين الدول المتحاربة في الحرب العالمية الأولى ، بقصر غليوم الثاني ، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، وانتصار الحلفاء ، وكان اجتماعهم فيها لتقرير مصير المانية بعد تقسيمها من قبل الحلفاء .

د .الشيباني يستذكر رحلته إلى المانية

د محمد الشيباني
د محمد الشيباني
  • يحق للألماني الغربي أن يدخل ألمانية الشرقية ولا يحق للشرقي أن يقترب حتى من بواباتها !

  • الكآبة تظلل المانية الشرقية والحزن يخيم على الناس قاطبة ، ضحكهم حزين وحركتهم كالمشلول الخارج من المستشفى .

  • لقد دخلنا قرن جديد ، فهل تتوقف انظمة تُعيش شعوبها على القهر والظلم ، فتعلم ان للظالم جولة ؟

  • لا يستطيع الشرقي الحصول على بضاعة غربية إلا بطرق صعبة وقاسية ، وقد يفرط بأشياء كثيرة ليحصل عليها !

  • حائظ يفصل بين الحرية واليؤس والكآبة
    حائظ يفصل بين الحرية واليؤس والكآبة

ولكن لم يحالفنا الحظ في العثور عليها ، حيث ان برلين قد دكت دكاً كثيفاً من الحلفاء ، فيممنا وجهنا نحو مجموعة من المكتبات الأخرى ، التي نعتقد بوجود تراثنا بها ، وهي مكتبة كارل ماركس في الجامعة نفسها ،ومكتبة أخرى كانت قريبة منها ، في شارع مقر إقامة هتلر المقصوف عن آخره ، ووزارة الدفاع ومكتبات في مقاطعات المانية الشرقية مثل ( هالة ) و ( غوته ) و ( درسدن ) وغيرها .

دخول السجن ليس هين !

لم يكن دخول المانية الشرقية البوابة الحديدية أو السجن الكبير آنذاك ، بالشكل الهين السهل ، فلقد بدأنا أولاً بأخذ توصية من سفارتنا في بون ، ثم اقلتنا طائرة الخطوط الجوية البريطانية لعبور الأجواء الشرقية ، لأن الطيران الألماني الغربي ( لوفتهانزا ) محظور عليه أن يعبر أو ينزل في المانية الشرقية ، ولكن يحق للألماني الغربي أن يدخل ألمانية الشرقية ولا يحق للشرقي أن يقرب من أي بوابة من بواباتها !

ولقد جعل الحلفاء برلين الغربية ببطن المانية الشرقية ، فمن السهل على الغربي أن يدخل الشرقية مشياً على الإقدام .

الكآبة والحزن في الشرقية

الناس هناك تنام مبكراً من القهر والنكد والبوليسية القاهرة ، لقد نال الألمان الشرقيون من هذا الحصار في داخل هذا السجن الكبير الويلات ، فأخذوا بجريرة هتلر وعمله ..كآبة تظلل البلد وحزن يخيم على الناس قاطبة ، ضحكهم حزين ، وحركتهم كانت كحركة المشلول ، أو الذي خرج للتو من المستشفى .

غليوم الثاني
غليوم الثاني

سهر إلى الصباح في الغربية

المانية الغربية تعيش حياتها ،واقتصادها قوي ومزدهر وتسهر إلى الصباح ،وفرص العمل حتي لغير الغربي متوفرة ،وتلك تنام مقهورة من بداية سدول الليل حتي تقف الحركة أو تشل تماما كأنها بلد أموات.

تلك كانت استعمارها غربياً بائساً ، وهذه البائسة كان استعمارها شرقياً روسياً متخلفاً ، همه القسر والظلم والسجون والمعتقلات،قل هذا ما كانت مشهورة به المانية الشرقية ، حتي ازال الله عنه شعبها استعمار الغمة بسقوط حائط البؤس والظلم والقهر للإنسان في منتصف القرن الماضي ، فتداركت دول الحلفاء ما كانوا يقترفون من ظلم لأولئك الناس.

التفريط مقابل بضاعة

أبسط الحقوق لم يكن يحصل الشرقي عليها ، فقد رأينا الأسواق الغربية في الشرقية وبضاعتهم تباع هناك ، ولكن لا يستطيع الشرقي أن يحصل عليها ، لأنه لا يملك العملة الصعبة التي يملكها الغربي إلا بطرق صعبة وقاسية ، وقد يفرط بأشياء كثيرة ليحصل عليها !

مخطوط عربي في المانيا
مخطوط عربي في المانيا

انظمة الفساد

لم أر بؤسا ً لأمة أو جماعات من الناس ، مثلما رأيته في انسان الشرقية ، وما احلى واجمل الحرية ، بل أن يعيش الانسان من دون زوار فجر ينغصون عليه حياته ، كما هي الحال التي لا تزال في بعض الدول الخائفة على حياتها وبقاء انظمتها المهترئة الفاسدة .

للظلم جولة 

لقد دخلنا قرن جديد ، وفهل تتوقف انظمة تعيش شعوبها على القهر والظلم ، فتعلم ان للظالم جولة ، كما حصل لقادة ألمانية الشرقية الذين ماتوا شر ميتة ، ولم يلتفت الناس حتي لجنائزهم .

والله المستعان ..

* رئيس التحرير

مقال ذو صلة ( المخطوطات العربية في المانية )

تواصل معنا

زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام –
مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق    
• لا تتوفر تراثنا حاليا في الاسواق وإنما عن طريق الاشتراك ..
التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه
هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +

#انطباعات_من_السجن_الكبير

اترك تعليقاً