• Post published:03/06/2021

الحلقة الأولى 

ومضات على تطور التدوين والكتابة في العصور الإسلامية 

 

أدوات الكتابة الجلود والعسب والرقاع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام
أدوات الكتابة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ( صورة  )

 

تراثنا – التحرير

 

الباحث فلاح محمد الهاجري
 فلاح محمد الهاجري

قد يغيب عن علم الكثيرين أن حرص المسلمين الأوائل  على حفظ وصيانة القرآن الكريم ، وتدوينه ونشره في الأصقاع ،وتناقل علومه وفنونه بين الأمصار ، وراء نهضة عربية إسلامية شاملة ، كانت وراء الارتقاء بالعرب إلى صفوف التقدم في تدوين الأحاديث والأشعار و والأنساب والآداب في مختلف الفنون وعلومها،  مازلنا نجني ثمارها إلى اليوم .

 

حول البدايات وانطلاقتها ، اعطي الباحث  فلاح محمد الهاجري في دراسة أعدها  ( النص العربي .. أصوله ، تحقيقه ، إخراجه ) ،  اطلالة غنية وقيمة ، تسهم في معرفة  ابعاد تطور فنون النص العربي والجهود المبذولة بشأنه عبر التاريخ . (*) .

 

مخطوط قرآني من الحقبة 650 إلى 700 م
مخطوط قرآني من الحقبة 650 إلى 700 م ( صورة )

تمهيد

إن تحقيق النصوص ليس فناً غريباً مستحدثاً ، وأنما هو عربي أصيل قديم ، وضع أصوله أسلافنا العرب ، منذ زاولو العلم وروايته من الحديث والشعر والأدب ، وسائر فنون الثقافة ، وكان نشاطهم في ذلك ظاهراً ملء السمع والبصر .

 

اول : أول نص إسلامي مكتوب

لما ولي أبو بكر ” رضي الله عنه”  الخلافة ، وكان ما كان من قتل القرَّاء باليمامة ، عمد ” رضي الله ” عنه إلى جمع القرآن من صدور الرجال ، ومن العُسُب والرّقاع  واللحف والأكناف والأضاع ، فحُفظ القرآن بذلك .

 

ثم تعددت مصاحف المسلمين حتى جمعها عثمان ” رضي الله عنه”  على مصحف واحد ، بعث إلى كل أفق بصورة منه ، لذلك نستطيع أن نقول : إن القرآن الكريم أوَّل نص إسلامي مكتوب وصل إلينا .

 

ثانيا : أوائل المصنفات

بعد أتساع رقعة الدولة الإسلامية في خلافة بني أميّة ، واختلاط العرب بالأعاجم ، وحفاظاً على استقامة اللسان العربي ،كان لا بد من أن يُنظم علم النحو ، وتوضع فيه أوائل المصنفات .

 

وكذلك الأمر بالنسبة لشتى علوم الدين ، وبدأ الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – بتدوين الحديث ، فدّون ما كان يحفظه في كتاب ، بعث به إلى الأمصار ، وكانت هذه الفترة تظهر جهود أخرى للتأليف المبكر ، ومنها : ما ألفه عبد بن شرية من أخبار اليمن وأشعارها وانسابها ، وما ألفه وهب ابن منبه ( ت /110 هجري ) من كتاب التيجان في ملوك حِمْيَر ، وكتاب مثالب العرب الذي وضعه زياد بن أبيه لابنه .. وغيرها .

 

أما في خلافة بني العباس ، فبدأت صناعة التأليف تتسع ، ويُنظم العلم فيها مقرونا بالضبط و التصحيح ، فوضعت مسانيد الحديث وكتبه في كل صقع .

 

وظهرت الكتب في شتى الفنون الدينية ، محتفظة بالطابع الذي غلب على المحدثين ، وهو إسناد الرواية إلى مؤلف الكتاب ، وسرى بين المؤلفين قواعد يلتزمونها في السماع والرواية ، والقراءة على الشيخ والإجادة ، والمكاتبة والوجادة

.

وصار أهل الآفاق يتناقلونها ، وينسخونها بالخطوط اليدوية ، إلا أنها لم تسلم من بعض التصحيف .

 

طالع ( الحلقة الثانية ) : أخطاء جسيمة يقع فيها النساخون 

 

طالع ( الحلقة الثالثة ) : عمر الورق والمداد ونوع الخط يكشف زيف المخطوطة .

 

 

كتابة القرآن الكريم على العظام في بدايات التدوين
كتابة القرآن الكريم على العظام في بدايات التدوين ( صورة )

 

 

ثالثا : الوراق والوراقون

أول ما كتب العرب على عسب النخل وأكناف الإبل والحجارة البيضاء العريضة ، ثم كتبوا في الجلود المدبوغة ، ثم لما كثر التدوين ، أشار الفضل بين يحيى بصناعة البرمكي الكاغد وصنعته .

 

ثم انتشرت الكتابة على الورق ، وكتب فيه رسائل السلطان وصكوكه ،وأتخذ الناس من بعده صحفاً لمكتوباتهم السلطانية والعلمية ، ولا سيما في عهد الرشيد ” رحمه الله ” .

 

ولما اتسع نطاق الدولة ، وكثرت الدواوين والتآليف العلمية ، ظهرت صناعة الوراقين في النسخ والتصحيح والتجليد ،وكان لهم مكان في الأمصار ،فهم بمثابة المطابع الحديثة ،  وكان لهم أسواق في بعض الأمصار بمثابة المعاهد العلمية ، ومن أوائل هؤلاء الوراقين خالد بن أبي الهياج ، ومنهم من العلماء محمد بن الحسن بن الهيثم المهندس البصري ( ت/430 هجري ) وغيرهم .

 

يتبع لاحقا : ( أصول النصوص )

 

(*) : نقلاً عن مطوية صادرة عن  مجلة الوعي الإسلامي الكويتية رقم (3) هدية العدد ( 642 ) 2018 م .

 

الصور : 

.( جواد درويش ) ( د .صباخ بخاري )  ( EICK KWAKKED )

اترك تعليقاً