• Post published:02/06/2018

يخت (مشرف) للحاكمان مبارك الصباح وأحمد الجابر 

يخوت شهدت على ظهرها لقاءات قادة وشخصيات كبرى ناقشت أحداث جسام 

 

الشيخ احمد الجابر الصباح مع المعتمد السياسي البريطاني جالوري عام 1938
الشيخ احمد الجابر الصباح مع المعتمد السياسي البريطاني جالوي عام 1938

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) :


كانت وسيلة الترفيه والنقل عند الملوك والأمراء في أعوام العشرينيّات حتى الستينيات هي السفن الخاصة فنجد لكل ملك ، أمير ، حاكم  ، يختاً يستقله في الترفيه والسفر إلى أماكن الأصدقاء في الدول القريبة والبعيدة حسب طاقة وإمكانات اليخت أو المركب ، وقد حظي بعض شيوخنا في الكويت بمثل هذه اليخوت أو السفن الخاصة التي تتوفر فيها وسائل الترفيه كافة .

 

•سعيد فريحة : ينبغي على المحروم أن يعيش سنة واحدة على يخت (مشرف) ويهب باقي سنواته لحيتان البحر !

• نظم زين العابدين بن حسن أبيات الشعر في مدح يخت مبارك وذكره عبد المسيح أنطاكي في كتابه (ألآيات الصبَّاح) .

• نال يخت الشيخ احمد الجابر شهرة واسعة وحظي بزيارات الكتاب والصحفيين ولقاءات المعتمدين البريطانيين .

 

 

الشيخ مبارك الصباح
الشيخ مبارك الصباح

 

وممن اشتهر بملكية مثل هذه اليخوت أو المراكب الشيخ مبارك بن صباح بن جابر الصباح الأمير السابع (1314 ـ 1334هـ = 1896 ـ 1915م) . وسماه (مشرف) وقد ذكرته بعض الكتب أمثال كتاب (الآيات الصبّاح في مدائح مولانا صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مبارك باشا بن صباح) لمؤلفه عبدالمسيح أنطاكي بك ، طبع بمطبعة العرب في مصر عام 1912م .

 

في 32 بيتاً من الشعر  ، نظم الشاعر زين العابدين بن حسن (1866-1950م) ابياتاً ، يمدح الشيخ مبارك ويخته ” مشرف ” حيث يقول في أحد أبياته :

 

مشرف صباح اسمه الزاهي على نهج

                             يسمو بأوج إليـها كالنجم إذ سطـعا

 

 

يخت الشيخ احمد الجابر الصباح
يخت الشيخ احمد الجابر الصباح

 

يخت الشيخ أحـمد الجابر :

 

أما الحاكم العاشر أحمد بن جابر بن مبارك (1340- 1370هـ = 1921-1950م) فيخته مشهور تكلم عليه الكثيرون من كتاب وصحفيين ورحالة ومعتمدين بريطانيين في الكويت وقد تنزهوا وقاموا برحلات فيه وحضروا حفلات غداء وعشاء عدة فيه في سنوات متنوعة حيث كان الشيخ يكرم ضيوفه بالدعوة إليه والنزهة على ظهره .

 

سعيد فريحة و يخت أحمد الجابر :

 

 سعيد فريحة

يصف الكاتب الصحفي اللبناني سعيد فريحة (عام 1951م) اليخت بصورة دقيقة مقرونة بالفكاهة والدعابة قائلاً :

 

“تناولنا أنا وعزت جعفر سكرتير أمير الكويت وإميل البستاني ، طعام الغداء في يخت الأمير ، وهذا اليخت قدمته هدية شركة البترول في الكويت ، وهو يخت بالاسم ، لأنه قصر بل تحفة فنية رائعة عائمة على وجه الماء ..”.

 

ويقول الصحفي اللبناني فريحة : ” لقد أنفقت الشركة الأميركية الانكليزية على فرشه وتجهيزه بسخاء عظيم . السجاد بسماكة اللحاف ، والتلفونات ، وما أدراك ما التلفونات في يخت الأمير ، كلها من الذهب الخالص .. أما أواني الطعام فمن “الكريستوفل” البديع والفضة والذهب . وأما الجدران والخزائن والمقاعد وغرف النوم والحمامات والصالونات والثريات وسائر المفروشات والمعدات والأشياء الثمينة الأنيقة النادرة في هذا اليخت ، فإنها توحي كل محروم من عباد الله بالحرص على أن يعيش ولو سنة واحدة على هذا اليخت .. أما سائر السنوات فلا بأس إن وهبها بعد ذلك لأول حوت من حيتان البحار ” .

 

الجلوس على العرش 

 

ويستطرد  الكاتب الكبير فريخة : ” لقد استأذنت سكرتير الأمير بالجلوس قليلا على عرش سموه الموجود في قاعة الاستقبال .. وبالتطلع قليلا إلى السرير الأنيق المذهب الأطراف … وبالوقوف لحظة في حمام الهناء .. وبضع لحظات أمام “البرادات” العظيمة الشأن … ولما أذن لي بهذا كله وبغيره ، شعرت بشبه غيبوبة حملت على أثرها إلى غرفة الطعام التي زينت بالثريات والمرايا والأواني والتليفونات وكلها من الفضة والذهب .. ولم ألبث هناك أن شعرت بشبه غيبوبة من جديد .. فحملت في هذه المرة ، ولكن إلى خارج اليخت ، أي إلى اليابسة . “

 

نصوص متفرقة في خبر اليخت “مشرف “

 

سكة في حي من احياء الكويت القديمة
سكة في حي من احياء الكويت القديمة

رفع اول علم كويتي احمر : في عام (1333ه =1914م) عزم الشيخ مبارك على زيارة الشيخ خزعل بالمحمرة بيخته الخاص (مشرف) فأمر بإنزال العلم العثماني عن سيارته ورفع محله علماً ذا لون أحمر مكتوب في وسطه بحروف بيضاء كلمة (كويت) ثم اتخذ بعد ذلك هذا العلم رمزاً رسمياً لإمارة الكويت .

 

السفر الى المحمرة :أما الشيخ مبارك فلم يطمئن لتلك الأقوال وظن أن للورد هردنك غرضاً آخر من وراء زيارته البصرة فسافر على الأثر بيخته (مشرف) قاصداً المحمرة لزيارة الشيخ خزعل وليقف بنفسه على ما سيقوم به اللورد هردنك من الإجراءات السياسية في البصرة .

 

مسيرة الوفد إلى الكويت : لما كانت الصبيحية تقع داخل حدود الكويت لم يكن للوفد بد من طلب موافقة الشيخ مبارك على ذلك فرحب الشيخ مبارك بمقدمهم وأرسل يخته الخاص (مشرف) إلى البصرة ليستقبل الوفد ويقله إلى الكويت .

 

 

الشيخ خزعل الكعبي ( 1861-1936 م )
الشيخ خزعل الكعبي ( 1861-1936 م )

 

 

رسالة الشيخ مبارك الصباح في 25 من جمادي الأولى سنة 1333هجرية (1915م) إلى الشيخ خزعل خان :

 

“.. أُخَيَّك ، من فضل الله ، صحتي طيبة يوم ، فيوم  ( أي اليوم ) بزيادة فقط  ، الآن معي ضعف ، وإن شاء الله يزول مركبك (مشرف) آخرته ، عندي عزم إن شاء الله بعد إزالة الضعف ، أتوجه فيه لخدمتك ، قدر يوم 3-4  ، أشوفك وأرجع ، لأن يا أخي الخاطر مشوش ، ومشغول عندي ، ولا يستقر خاطري ،  إلا بمشاهدة طلعتك البهية .. ” .

 

زيارة امير البحرين :تحقق لدى الشيخ مبارك صدق النصيحة ورجحان القول فعزم على الذهاب بنفسه إلى البحرين لحل تلك المشكلة ولما آن أوان خروج  أهل الكويت إلى الغوص . أظهر عزمه على زيارة الشيخ عيسى آل خليفة في البحرين . و اصطحب معه في تلك السفرة كل من شملان بن علي وابراهيم المضف ، صديقي هلال في هجرته ، فسافر في يخته الخاص “ مشرف “.

 

  • الوصول إلى الخليج العربي

عاد الطقس سيئاً جداً طوال الطريق حتى وصلنا الخليج العربي (الفارسي) وقد وصلنا حدود (الفاو) عند ظهيرة العاشر من ديسمبر (كانون الأول) ودخلنا مدينتها عند منتصف الليل , وانتظرنا هناك  ساعات عدة من أجل زورق الشيخ الذي شاهدناه في الطريق حيث وصل في الثامنة من صباح اليوم التالي عندئذ انتقل الشيخ ومجموعته إلى سفينتهم أما أنا فكان على أن أتابع إلى البصرة حيث كانت تنتظرني السفينة (لويس بلي) والتحقت بالمجموعة في اليوم التالي (الثاني عشر من ديسمبر ـ كانون الأول) ثم أُكرهنا على البقاء في المرفأ حتى صباح الخامس عشر بحكم رداءة الأحوال الجوية.

 

مشرف بين خزعل وأحمد الصباح

 

تجدر الأشارة ان يخت ( مشرف ) قد أُهدى من قبل الحاكم مبارك إلى صديقه المقرب الشيخ خزعل خان أمير المحمرة ، إلا أنه يبدو قد آل في النهاية إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح، وفقا لمراسلات ومطالبات تمت بين أطراف عدة بعد وفاة الحاكم الراحل .

 

وفاة الشيخ مبارك

 

و فاة الشيخ مبارك في عام “1333 هجرية -1915 م  عن 75 عاما اثرت الشيخوخة علي الشيخ مبارك فبرزت عليه علامات الضعف و الانحلال فلما علم الشيخ خزعل بذلك اسرع بالحضور إلى الكويت ليشرف بنفسه على حالته الصحية و لما حل شهر المحرم 1334 هجرية 2- 11- 1915 م حتى اشتدت عليه وطأة الضعف اشتدادا منذراً بسوء المصير ، فأرسلت الباخرة “مشرف ” الى البصرة لأحضار الطبيب و الأدوية اللازمة ، ولكن وافته المنية ( يرحمه الله ) .

 

 

(*) رئيس مركز المخطوطات والتراث ورئيس مجلة تراثنا 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً