• Post published:22/12/2019

روايات ضياع جواهر التاج العراقي وآلاف الدنانير ووثائق المخابرات (2/2)

العراق في حقبة الخمسينيات
العراق في حقبة الخمسينيات

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني* : تناولنا في الحلقة الأولى السابقة ، مسارعة الوصي الأمير عبدالإله وأسرة الحكم الملكي العراقي إلى تهريب ما خف وزنه وغلا ثمنه إلى الكويت ، بعد تشكل حكومة رشيد عالي الكيلاني( حكومة الدفاع الوطني ) الإنقلابية على الملكية .

وذكرنا ما أورده المعتمد البريطاني في العراق العقيد ديكوري من سقوط الطائرة المحملة بمجوهرات ووثائق الحكم الملكي في البحر ، وعدم العثور على ملاحها والآمر (جوب سليد ) وفقدان الكنوز الملكية والوثائق السرية في بحر الكويت !

فيوليت ديكسون

فيوليت ديكسون تتحدث

  • في بداية الأمر لم نكن نعلم أية وثائق مهمة تحملها الطائرة ، وكان نفاذ الوقود فيها ( يثير الشك فعلا )!!

  • خرجت في جولتي الصباحية بمحاذاة الشاطئ فرأيت سفينة حربية بريطانية فتساءلت : لماذا أتت ؟

  • لم يعلم بفرار الوصي عبدالإله والأسرة الملكية إلا مدير عام شركة نفط الكويت وديكسون وحاكم الكويت .

  • الناصري : لم أجد لهذه الرواية في مذكرات او دراسات اخرى لغير ديكوري ، الذي ذكرها مرة اخرى في مقالة له .

المعتمد البريطاني كولونيل هارولد ديكسون وزوجته ام سعود فيوليت بالزي العربي
المعتمد البريطاني كولونيل هارولد ديكسون وزوجته ام سعود فيوليت بالزي العربي

إلا أن هذه المعلومات التي ذكرها ديكوري ، كانت في بعض جوانبها موضع شك وريبة لدى فيوليت ديكسون زوجة المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الكولونيل هارولد ديكسون  وكذلك الباحث طارق الناصري.

تروي ديكسون التطورات في مذكراتها قائلة : في أوائل عام 1941 م اندلعت الثورة في العراق ضد الحكومة القائمة في ذلك الوقت ،والتي كان يرأسها عبدالإله على عرش الملك الصغير فيصل الثاني ، وكان واضحاً ان حياة الوصي على العرش كانت في خطر ، فاتخذ الأنجليز تدابير سرية لنقله بالطائرة إلى حيث يكون في مأمن .

وفي الكويت كان فجر يوم 14 من إبريل 1941 م ، صافياً ولكن سرعان ما هبت عاصفة رملية .. وقد تلقى المعتمد السياسي ميجور أي سي جالوري معلومات في ذلك اليوم تفيد بأن عبدالإله الوصي على العرش ومرافقيه ، سوف يصلون إلى الكويت بالسفينة ، ويُنقلون وإلى أحدى طائرات السلاح الجوي الملكي التي ستكون بإنتظارهم في المطار ،وقد طُلبت منه أن يستقبل السفينة .

وكانت هذه الرسالة سرية جداً ، بحث لم يعلم بها سوى المستر إل .دي سكوت المدير العام لشركة نفط الكويت ، وديكسون فقط ، على الرغم من أن هذه الرسالة قد بلغت أيضا لصاحب السمو الحاكم .

تقول فيوليت : وأنا أيضاً كنت أجهل حدث الساعة ، عندما خرجت في جولتي الصباحية على ظهر الحصان ، بمرافقة السائس ، فوجئت وانا أسير بمحاذاة الشاطيء باتجاه المعتمدية برؤية سفينة حربية بريطانية تدخل الميناء .

وقد تسائلت بصوت عال : أية سفينة كانت تلك ؟ ولماذا أتت ؟ أجاب السائس بأن الوصي على عرش العراق قد فر من بلده على ظهر السفينة قادماً إلى الكويت .

سقوط الطائرة

الأمير الوصي عبدالاله مع الملك فيصل الثاني
الأمير الوصي عبدالاله مع الملك فيصل الثاني

وبعد هذه الأحداث بشهرين تقريباً ، وقعت حادثة راح ضيحتها اثنان من الأنجليز ،وقد علمنا بوقوعها عندما أحضر إلى المعتمدية السياسية يوم 5 من مايو 1941 م أحد طياري القوات الجوية الملكية بعد انقاذه ، وقد كان في حالة إعياء شديد ، وذكر أن الطائرة التي كان يقودها من بغداد إلى الشعيبة ( منطقة في الكويت ) قد نفذ وقودها بعد أن ضلت الطريق نتيجة لعاصفة رملية ، فسقطت في البحر وقد قد غرق مرافقاه ، قائد الجناح ( جون سليد ) وعامل اللاسلكي ..

ولم يكونوا قد أصيبوا بأذى عندما هبطت الطائرة على سطح البحر ، وكان باستطاعتهم جميعاً أن يسبحوا وقد اختفت الطائرة ببطء في البحر الموحل .

وبدأ الجميع في السباحة ، ولكن بعد ساعات من السباحة لم يعد مساعدا الطيار قادرين على الاستمرار ، ودعاه واحد تلو الأخر واختفيا ..وقد استطاع الطيار أن يظل طافياً على سطح البحر.. وأخيراً بعد ست ساعات في الماء استطاع أن يجذب انتباه أحد القوارب المبحرة فالتقطه ، واحضره إلى الكويت ،وقد اُرسلت أخبار انقاذه فوراً إلى القوات الجوية الملكية في الشعيبة .

تلقي هارولد ديكسون الذي عاد يعمل كمعتمد سياسي نظراً لظروف الحرب ، أمراً بالقيام ببحث خاص جداً عن الطائرة المفقودة ، التي قيل إنها كانت تضم وثائق قيمة جداً ..

وبناء على ذلك ، اتخذت التدابير لإرسال زورق المعتمدية مع قبطان القارب الذي أنقذ قائد الطائرة المفقودة ، وكان قد التقطه في مكان ما إلى الشمال الغربي من جزيرة فيلكا .

وقد انطلق الزورق إلى تلك المنطقة حاملاً ثلاثة غواصين ومؤناً تكفي ثلاثة أيام .. ولكن عاد دون أن يعثر على أثر للطائرة الغارقة .. وقد أرسل الزورق مرة أخرى ومعه هذه المرة مرساة وحبال وأدوات لتمشيط قاع البحر .

ولكنه عاد للمرة الثانية دون إحراز نجاح، وأخيراً في الثاني من يونيو أستاجر خادمنا البدوي قارباً وطاقم ملاحين لمواصلة البحث ، ولكنه أيضا عاد خالي الوفاض ..

وفي بداية الأمر لم نكن نعلم أية وثائق مهمة تحملها الطائرة ، وكان نفاذ الوقود فيها ( يثير الشك فعلا ) !!.. وفي وقت لاحق علمنا أن الطائرة كانت تحمل جواهر تاج العراق ، وآلافا كثيرة من الدنانير ، وحتي لم يتكشف أي أثر لهذه الطائرة !!

شارع الرشيد في عراق الخمسينيات
شارع الرشيد في عراق الخمسينيات

رواية طارق الناصري

وفي رواية أخرى ، يقول طارق الناصري في كتابه ( عبدالإله الوصي على عرش العراق ..) لم أجد لهذه الرواية في مذكرات او دراسات اخرى لغير ديكوري ، الذي ذكرها مرة اخرى في مقالة ( العراق في الرحلة العربية وأسفار أخرى ) حيث جاء فيها : ” قتل ضابط المخابرات الأعلى للموقع في طائرة تعطلت اضطرارياً في البحر تقريباً من الساحل العراقي في الليل وذهبت معه أوراق هامة وآلاف كثيرة من الدنانير ومجوهرات التاج العراقي ..لم يكن ثمة ضابط غيره في القوة الجوية البريطانية يمتلك مثل خدمته الطويلة في العراق ، فقد درس في العراق دراسة دقيقة …)!

*رئيس التحرير

المراجع
– هنا برلين حي العرب )يونس بحري .
– عبدالإله الوصي على عرش العراق ( 1939 – 1958 م ) حياته ودوره السياسي، طارق الناصري .
– العراق في الرحلة العربية ( ديكوري ) ترجمة كاظم سعد الدين آفاق عربية 6 /986
– أربعون عاماً في الكويت (29 – 1969 م) فيوليت ديكسون –دار قرطاس الكويت 1995 م .

نشرت المقالة في تراثنا العدد 57 فبراير /مارس 2016

تواصل معنا

زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق • تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً.. التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +

اترك تعليقاً